[شرح حديث:(لما نزلت: (فسبح باسم ربك العظيم) قال رسول الله: اجعلوها في ركوعكم)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده: حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة وموسى بن إسماعيل المعنى قالا: حدثنا ابن المبارك عن موسى -قال أبو سلمة: موسى بن أيوب - عن عمه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال:(لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}[الواقعة:٧٤] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}[الأعلى:١] قال: اجعلوها في سجودكم)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة:[باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده] يعني: ما يقوله من الذكر؛ لأن هذه الترجمة تتعلق بالذكر، وبعدها ستأتي ترجمة تتعلق بالدعاء في الركوع والسجود.
ومن المعلوم أن هناك أذكاراً وأدعية، فالأذكار هي التي فيها ثناء على الله وتمجيد لله وتسبيح لله وتعظيم لله، والدعاء هو طلب العبد كأن يقول: اللهم أعطني كذا، اللهم حقق لي كذا، فهنا أتى بترجمتين: باب ما يقول في الركوع والسجود، وترجمة: باب في الدعاء في الركوع والسجود، ولا تنافي بين الترجمتين؛ لأن هذه الترجمة كلها أذكار، والترجمة التي بعدها كلها أدعية، هذا هو الفرق بين الترجمتين، هذه ثناء على الله وتعظيم لله وتمجيد لله، وتلك -التي ستأتي- مطالب من العبد يسألها من ربه ويرجو من ربه أن يحققها له، وأن يتقبل منه.
أورد أبو داود حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله تعالى عنه قال:(لما نزل قول الله عز وجل: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}[الواقعة:٧٤] قال عليه الصلاة والسلام: اجعلوها في ركوعكم) يعني: قولوا: سبحان ربي العظيم في الركوع.
قوله: [(ولما نزل قول الله عز وجل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}[الأعلى:١] قال: اجعلوها في سجودكم)] يعني: قولوا: سبحان ربي الأعلى في السجود.
وقد جاء في السجود ذكر الأعلى؛ لأن هذا المقام الذي يكون فيه العبد في غاية الذل والخضوع لله سبحانه وتعالى، فناسب أن يأتي وصف الله بالأعلى الذي هو العلو المطلق ذاتاً وقدراً وقهراً، ففي هذه الهيئة التي هو عليها وقد ذل لله وخضع وجعل أشرف شيء فيه على الأرض خضوعاً لله وذلاً لله سبحانه وتعالى يقول العبد فيها: سبحان ربي الأعلى.
وقد جاءت الأحاديث الكثيرة في أنه يقال في الركوع: سبحان ربي العظيم، ويقال في السجود: سبحان ربي الأعلى.