[بيان وتوضيح لحديث طلب أبي سفيان زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنته أم حبيبة]
وقد جاء حديث في صحيح مسلم فيه أن أبا سفيان طلب من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، قال: تؤمرني أن أقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين، وتجعل معاوية كاتباً بين يديك، وتتزوج أم حبيبة.
وهذا يخالف ما جاء في الحديث الذي بين أيدينا.
فإن النجاشي زوجها برسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أبا سفيان كان مشركاً، وليس له حق الولاية، والكافر ليس له حق الولاية على المسلمة، فالمرأة إذا كان أبوها كافراً فليس له أن يعقد النكاح لابنته المسلمة، فولاية المسلمة هي للمسلم، ولا يليها كافر ويعقد نكاحها وهو كافر.
وهذا الحديث الذي ذكر فيه قول أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم تكلم فيه العلماء، وأوضح الكلام فيه ابن القيم وقال: إن هذا خطأ، وإن الرواية فيها غلط؛ لأن أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها وأرضاها تزوجت إما سنة ست وإما سنة سبع، وأبو سفيان لم يسلم إلا عام الفتح في السنة الثامنة، فهو غير مستقيم، ولهذا اعتبروه من الأحاديث التي هي خطأ في صحيح مسلم.
والصحيح أن الذي زوجها النجاشي، وأنها تزوجت قبل أن يسلم أبوها، وتكلم العلماء كلاماً كثيراً ذكره ابن القيم ورده، وقال: إن هذا ليس بصحيح، وإنما الذي يظهر أنه يقال: الأقرب فيه أنه خطأ.
وذكر أوجهاً لتأويله وقال: إنها بعيدة جداً لا تصح، وقد ذكر ذلك ابن القيم في كتابه (جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام)؛ لأنه ذكر عند ذكر الآل في قوله:(اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد) تراجم مختصرة لأمهات المؤمنين؛ لأنهن من جملة الآل، وعند كلامه على أم حبيبة وترجمته لها ذكر هذا الحديث الذي في صحيح مسلم، وذكر كلام العلماء فيه، وكذلك -أيضاً- ذكره في تهذيب السنن.