[ذكر ما في بردة البوصيري من حسن وسيئ، والفرق بين صاحب البردة وصاحب الزوائد]
السؤال
هل البوصيري صاحب الزوائد على سنن ابن ماجة هو صاحب البردة؟
الجواب
صاحب الزوائد محدث، وأما ذاك فليس بمحدث، وصاحب البردة توفي سنة (٦٩٤هـ) وصاحب الزوائد توفي سنة (٨٤٠هـ).
والبوصيري صاحب البردة عنده كلام في البردة جميل، وعنده كلام سيئ للغاية، ومن الكلام الجميل فيها أنه كان يمدح الصحابة في ثباتهم وعلو شأنهم، وتمكنهم في الحرب وركوب الخيل، قال: كأنهم في ظهور الخيل نبت ربى من شدة الحَزْم لا من شدة الحُزُمِ يعني: مثل الشجرة التي فوق جبل، أو فوق مكان مرتفع فهي ثابتة على ذلك المكان الذي هي فيه، فالصحابة على الخيل كهذه الشجرة التي فوق المكان الرابي.
وكذلك قوله: والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم ويقول أيضاً: قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم ومن الكلام السيئ قوله: يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم هذا كلام سيئ فيه غلو ومجاوزة للحد؛ لأنه جعل علم اللوح والقلم من علمه صلى الله عليه وسلم، وهو لا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه، وليس كل غيب أطلع الله تعالى نبيه عليه.
وسبق أنني أشرت إلى هذا في صحيح البخاري عند حديث:(لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله) وذكرت ما اشتمل عليه كلامه من الغلو والإطراء، وأن هذا لا يسوغ ولا يجوز، فلو قال يخاطب ربه: يا خالق الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم لكان كلامه صواباً، ولكن كونه يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم فهذا هو الباطل.