للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم استعمال الرجل للزعفران]

ولا يمكن أن يقال: إن النهي إنما هو عن الزعفران وحده، فإذا جمع بين الزعفران والورس كما هنا زال النهي؛ لأن الزعفران لا يجوز استعماله لا وحده ولا مع غيره.

يقول صاحب العون: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزعفر للرجال، وهو دليل لـ أبي حنيفة والشافعي ومن تبعهما في تحريم استعمال الرجل الزعفران في ثوبه وبدنه، ولهما أحاديث أخر صحيحة، ومذهب المالكية أن الممنوع إنما هو استعماله في البدن، دون الثوب، ودليلهم حديث أبي موسى المتقدم؛ فإن مفهومه أن ماعدا الجسد لا يتناوله الوعيد.

فإن قلت: قد ثبت في الصحيحين من حديث أنس أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه أثر صفرة، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه تزوج امرأة، وفي روية: (عليه ردع زعفران)، فهذا الحديث يدل على جواز التزعفر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر على عبد الرحمن بن عوف، فكيف التوفيق؟ قلت: أشار البخاري إلى الجمع بأن حديث عبد الرحمن للمتزوج وأحاديث النهي لغيره.

وأيضاً قد يكون مما علق به من امرأته؛ لأن النساء تستعمل هذا الطيب الذي هو الزعفران؛ لأنه ممنوع منه الرجال دون النساء، فيمكن أن يكون علق به شيء من امرأته، ولم يكن متطيباً به.

هذا ما ذكره الحافظ ورجحه النووي، وأما البخاري فإنه ترجم عليه بقوله: (باب الصفرة للمتزوج).

<<  <  ج:
ص:  >  >>