الحارث بن مسكين يحدث عنه النسائي فيقول أيضاً: قرئ عليه وأنا أسمع، ومعلوم أن (حدثنا) يؤتى بها في الغالب لما سمع من لفظ الشيخ، و (أخبرنا) لما قرئ على الشيخ وهو يسمع، ويعبر عنه أيضاً بهذه العبارة التي هي:(قرئ عليه وأنا أسمع)، وهي واضحة في المقصود، وأنه عرض عليه وأن القارئ غيره، وليس هو، ولو كان هو يقرأ فيقول:(أخبرنا)، وهذا فيه أن غيره يقرأ وهو يسمع، وهذا من طرق التحمل، فـ أبو داود أخبر بالذي قد حصل، وأن هذا حصل من الذي يقرأ على الحارث بن مسكين وهو يسمع، فتحمل كما تحمل الحاضرون الذين يسمعون والقارئ وغيرهم.
لكن النسائي استخدم هذه الصيغة مع الحارث بن مسكين لأنه كانت هناك وحشة حصلت بينهما، فمنعه من الحضور في مجلسه، فكان يختبئ ويسمع ويقول:(قرئ عليه وأنا أسمع) وذلك حتى يكون صادقاً، ولا يقول:(أخبرني)؛ لأنه ما أراد إخباره، ولكنه يأتي بعبارة هو صادق فيها، أما أبو داود فلا نعلم أنه جرى بينه وبين الحارث بن مسكين شيء.