شرح حديث (من أعتق عبداً وله مال فمال العبد له إلا أن يشترط السيد)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن أعتق عبداً وله مال.
حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة والليث بن سعد عن عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الأشج عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أعتق عبداً وله مال فمال العبد له إلا أن يشترطه السيد)].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي:[باب من أعتق عبداً وله مال]، ومعلوم أن العبد ماله لسيده وأما هو فلا يملك، وما بحوزته هو ملك لسيده، كما أنه أيضاً ملك لسيده، وقد سبق أن مر الحديث:(من ابتاع عبداً وله مال فماله لبائعه، إلا أن يشترط المبتاع).
قوله:(وله مال) يعني: في يد وحوزة ذلك العبد، أو مكن منه للانتفاع به، كأن يكون مثلاً أسكن في بيت وله أثاث يستفيد منه فهو لسيده.
قوله:(ما لم يشترط المبتاع)، فالعبد لا يملك، وملكه إنما هو ملك لسيده، فهو يكون للبائع إلا أن يشترط المبتاع، وهنا قال:(من ابتاع عبداً وله مال) يعني: بيده وبحوزته، (فماله له، إلا أن يشترط السيد)، يعني: المال للعبد، وقيل: إن المقصود بهذا الندب والاستحباب، وأنه كان ينبغي للسيد أن يسامحه وأن يحسن إليه عند إعتاقه؛ لأن كونه يخرج من الرق وبيده شيء قد أحسن إليه السيد به خير من كونه يعتقه ثم يخرج خالي اليدين وليس معه شيء، فمن تمام الإحسان أن يحسن إليه ويمتعه ويعطيه ما يستمتع به ويستفيد منه، فإذاً يكون:(فماله له) أي: للعبد على سبيل الندب للسيد.
قوله:(إلا أن يشترط السيد) بأن يقول: المال لي، ولا يوافق على إعطائه إياه، فإنه حينئذٍ يكون للسيد، ولكن كونه يصير للعبد يكون منحة من السيد، فهذا من تمام الإحسان، وهذا هو الذي ينبغي، وهو خير من كونه يعتقه ثم يذهب خالي اليدين وليس بيده شيء.