[شرح حديث (الريح من روح الله فإذا رأيتموها فلا تسبوها)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يقول إذا هاجت الريح.
حدثنا أحمد بن محمد المروزي وسلمة يعني ابن شبيب، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن الزهري حدثني ثابت بن قيس، أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (الريح من روح الله، قال سلمة: فروح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، وسلوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها)].
أورد أبو داود [باب ما يقول إذا هاجت الريح].
يعني: عندما تشتد الرياح ويحصل هبوبها وهيجانها يدعو الإنسان بهذا الدعاء.
قوله:(فإذا رأيتموها فلا تسبوها، وسلوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها)] يعني: ما حصل فيها من خير فاسألوا الله عز وجل أن يحققه لكم، وما فيها من شر فاسألوه سبحانه وتعالى أن يصرفه عنكم وأن يخلصكم منه.
ومعنى ذلك أن الريح مأمورة، فالإنسان يسأل الله خيرها ويستعيذ بالله من شرها، وهي تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، ومعلوم أن الله تعالى يرسل الرياح فتثير سحاباً فيحصل الخير والبركة للناس، وكذلك تكون عذاباً كما كانت عذاباً لعاد، فقد أرسل الله عليهم ريحاً صرصراً عاتية، تنزع النخيل وتنقل الرجال وتلقيهم في أماكن بعيدة، وتهلكهم كما قال الله عز وجل:{فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}[الأحقاف:٢٥]، وفي الحديث الذي سبق أن مر بنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما ذهب إلى تبوك ومر بالمرأة صاحبة البستان، وأمرها بخرصه حتى يعود ليأخذ زكاته، وفي البخاري وغيره أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم:(تهب الليلة ريح فلا يقم أحد منكم، وكلٌ يعقل بعيره) فقام رجل فحملته الريح فألقته في جبل طي، يعني: أخذته من تبوك إلى حائل.
قوله: [(الريح من روح الله)] قيل: الروح هو الرحمة.
قوله: [(قال سلمة: فروح الله)].
يبدو والله أعلم أنه مع ذلك قال: فروح الله إلخ، أو أنه ما قال: الريح من روح الله، وإنما قال: فروح الله إلخ.
قوله: [(تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها)].
يعني: لا يحصل منكم سب أو شتم؛ لأن الريح من مخلوقات الله عز وجل، والله تعالى يجعل فيها الرحمة ويجعل فيها العذاب، وهذا قوله:(لا تسبوا الدهر)، يعني: أنها مأمورة ومخلوقة.