حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعث يوم حنين بعثاً إلى أوطاس، فلقوا عدوهم فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا، فكأن أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تحرجوا من غشيانهم من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله تعالى في ذلك {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء:٢٤] أي: فهن لهم حلال إذا انقضت عدتهن)].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي وطأ السبايا، أي: المرأة المسبية، والمراد الكلام في وطئها وجماعها لمن تكون نصيبه من السبي ولمن تكون له، فإنه يطؤها بعد استبرائها، فإن كانت حاملاً فبوضع حملها، وإن كانت تحيض فبحيضة، وإن كانت لا تحيض فإنها تستبرأ مدة شهر، وقد جاءت الأحاديث في ذكر الحيض وفي ذكر الحمل، وجاء ذكر الوطء بعد انقضاء عدتها التي هي وضع الحمل أو حصول حيضة واحدة، وإذا كانت غير حامل ولا تحيض فإنها تستبرأ مدة شهر.
وأورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه لما كان يوم حنين وحصل الانتصار على الأعداء وطفروا بالسبايا كأن بعض الصحابة تحرجوا من وطئهن من أجل أنهن ذوات أزواج، ومن المعلوم أن ذوات الأزواج أبضاعهن لأزواجهن، ليس لأحد أن يطأهن، فهن محرمات، وقد حرم الله عز وجل نكاح المحصنة، والمحصنة تأتي بمعنى المتزوجة، كما أنها تأتي بمعنى العفيفة.
فلما تحرجوا أنزل الله عز وجل هذه الآية {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء:٢٤] أي أن ذوات الأزواج هن حرام عليكم، ويستثنى من ذلك ملك اليمين؛ لأن المرأة إذا سبيت وهي ذات زوج انفصل الزواج وانقطع، ولم يكن لزوجها حق فيها بعد أن سبيت، فبعد ذلك تعتد، فإذا كانت حاملاً فبالوضع، وإذا كانت تحيض فبحيضة حتى يتحقق من أنها سليمة من الحمل.
فقول الله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء:٢٤] معناه: المتزوجات.
فالله تعالى قال:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ}[النساء:٢٣] ثم قال في الآية بعدها: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء:٢٤] فالمحصنة ذات الزوج التي سبيت تنتهي علاقتها بزوجها ويكون لمن صارت نصيبه من السبي.
فملك اليمين مستثنى من تحريم ذوات الأزواج في قوله تعالى:((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ)) لأن المحرمات ذكرهن الله عز وجل في قوله: ((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ)) الآية وختم ذلك بقوله تعالى: ((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ)) واستثني من ذلك ملك اليمين، فإنها توطأ وإن كانت ذات زوج؛ لأن علاقتها بزوجها انتهت بسبيها.