للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين في التصنيف في مباحث العقيدة]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب شرح السنة.

حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة)].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [كتاب السنة]، وهذا الكتاب من جملة كتب كتاب السنن لـ أبي داود، وهو يتعلق بمباحث العقيدة، ولفظ السنة يأتي عند السلف والمراد به ما يتعلق بالعقيدة، ولهذا نجد أن الكتب التي أفردت بهذا الاسم هي من كتب العقيدة، وغير أبي داود أفرد مباحث العقيدة بكتب، فمنها ما جاء بهذه التسمية وهو: كتاب السنة، وأما أبو داود رحمه الله فقد جعل هذا الكتاب ضمن كتابه السنن، فهو من جنس كتاب التوحيد عند الإمام البخاري، وكتاب الإيمان عند الإمام البخاري أيضاً، أي: أن الكتاب الجامع يشتمل على كتب في العقيدة: ككتاب الإيمان، وكتاب السنة، وكتاب التوحيد وغير ذلك من الكتب التي هي ضمن الكتب الجامعة.

ومن المعلوم أن التأليف في العقيدة له حالتان أو طريقتان: إحداهما طريقة المتقدمين، وهي أنهم يذكرون الأحاديث والآثار بالأسانيد، ويخصصون كتباً للعقيدة باسم السنة، أو باسم الإيمان، أو باسم الرد على الجهمية أو غير ذلك، ومن العلماء من يجعل في المؤلفات الجامعة العامة كتباً تشتمل على مباحث العقيدة، كما فعل أبو داود رحمه الله في هذا الكتاب، فقد ذكر كتاب السنة ضمن كتابه: (السنن).

وأما الطريقة الثانية فهي طريقة المتأخرين، فتجدهم يأتون إلى مباحث العقيدة فيذكرون في كل مبحث ما ورد فيه من الآيات والأحاديث، لكنهم لا يسندون ذلك، بل يعزون ذلك إلى الكتب المسندة، فيقولون مثلاً: روى البخاري في صحيحه كذا، وروى أبو داود في سننه كذا، وروى ابن ماجة في سننه كذا، دون أن يذكروا أسانيدهم بذلك، وإنما يذكر الكتب التي خرجت تلك الأحاديث، وكذلك يذكرون الآثار والرد على المخالفين.

ويأتي ضمن تأليفات المتقدمين أسماء عامة يدخل تحتها مسميات كثيرة، فمثل لفظ السنة جاء فيه مؤلفات عديدة، منها ما هو موجود ومنها ما ليس موجوداً، بل فُقد ولم يظفر منه على شيء، ومثال الكتب المؤلفة في السنة: كتاب السنة لـ ابن أبي عاصم، والسنة للطبراني، والسنة للالكائي، والسنة لـ محمد بن نصر المروزي، وكتب كثيرة بهذا اللفظ، ومنها ما هو باسم الإيمان، ومنها ما هو باسم الرد على الجهمية، وأما المتأخرون -فكما قلت- فإنهم يذكرون الآيات والأحاديث والآثار، ويردون على المخالفين في كل موضوع من الموضوعات، وذلك مثل شرح العقيدة الطحاوية، ومثل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية كمنهاج السنة، والعقيدة الواسطية والتدمرية والحموية، وغير ذلك من الكتب، ومثل كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ككتاب التوحيد وغيرها من الكتب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>