حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه قال: حدثنا عبد الله بن عباس أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة)].
أورد أبو داود (باب في الوقار)، والوقار هو: الثبات وعدم العجلة والتسرع، وأنلمرء يكون له هيبة ويكون له سمت حسن، فهذا هو الوقار؛ ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) أي: يأتون وعليهم الهدوء والسكينة والوقار، ولا يكون عندهم تسرع، فالوقار صفة حسنة وخلق كريم، ويقابله العجلة والتسرع وعدم الثبات والرزانة.
وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة).
أي: أن هذه الخصال من الأخلاق الكريمة التي هي من أخلاق وصفات الأنبياء وآداب الأنبياء، وأتباع الأنبياء مطلوب منهم أن يقتدوا بالأنبياء، وأن يأخذوا بالصفات الكريمة التي تأتي عن الأنبياء، وكل صفات الأنبياء كريمة، وكل ما يأتي عنهم فهو كريم، ولكن المقصود أنهم يتبعونهم، ويسيرون على منهاجهم ومنوالهم، ويقتدون بهم في أخلاقهم وأفعالهم وسمتهم وهديهم ووقارهم عليهم الصلاة والسلام، فالهدي الصالح هو الطريقة الصالحة.
ويقال: هدي الرجل: حاله ومذهبه، أي: الحالة والطريقة التي هو عليها.
والسمت: الهيئة الحسنة, والوقار والسكينة الذي يكون فيه.
قوله: [(والاقتصاد)].
الاقتصاد: هو التوسط في الأمور والاعتدال، وعدم الإفراط والتفريط، فالاقتصاد يكون في العمل، ويكون في المطعم والمشرب، وكل ذلك من الأمور المطلوبة، والإنسان عليه أن يكون وسطاً بين الإفراط والتفريط، فلا يكون مفرِّطاً ولا مفرِطاً، وكذلك في العمل لا يكون مفرطاً بحيث يكثر من العمل حتى يمل، ولا مهملاً بحيث لا يكون منه عمل، وإنما يكون متوسطاً معتدلاً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل)، ولهذا قيل: اقتصاد في عبادة خير من اجتهاد في بدعة، إذ إن العبادة وإن كان العمل فيها قليلاً فإنه ينفع صاحبه، والاجتهاد في البدعة يضر صاحبه ولو كان قليلاً أو كثيراً.
قوله: [(جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة)] يعني: أنه من أخلاق وصفات الأنبياء.
وأما ذكر هذا العدد على وجه التخصيص فلا أدري ما وجهه.