للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث زيارة النبي صلى الله عليه وسلم للغلام اليهودي في مرض موته]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في عيادة الذمي.

حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد -يعني: ابن زيد - عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أن غلاماً من اليهود كان مرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعوده فقعد عند رأسه، فقال له: (أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه، فقال له أبوه: أطع أبا القاسم، فأسلم، فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه بي من النار)].

أورد أبو داود باب عيادة الذمي، أي: الكافر الذي له ذمة وعهد، وعيادة الذمي أو الكافر إذا كانت فيها مصلحة وفائدة كأن يدعى إلى الإسلام ويرغَّب فيه، فإن ذلك أمرٌ مطلوب، وأما إذا لم يترتب عليها مصلحة، ولا يكون من ورائها فائدة؛ فلا يعاد.

أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (أن غلاماً من اليهود مرض، فأتاه الرسول صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رأسه وقال له: أسلم) يعني: دعاه إلى الإسلام، وهذا يدل على أن الزيارة إذا كانت من أجل دعوته إلى الإسلام، وأنه يرجى من ورائها المصلحة والفائدة، فإن ذلك سائغ، ويشبه هذا مجيئه صلى الله عليه وسلم إلى عمه أبي طالب في مرض موته، فقال له: (يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله)، وكان عنده رجلان على ملة عبد المطلب، فذكّراه بدين عبد المطلب، وأن يبقى على ما كان عليه آباؤه، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، ولم يقل: لا إله إلا الله كما طلب منه ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالحاصل أن زيارة الكافر إذا كانت من أجل دعوته إلى الإسلام، ورُجيَ في ذلك المصلحة فلا بأس بها، وأما إذا كانت لغير ذلك، أو لم يظنّ من ورائها مصلحة فلا يُزار.

وقوله: (الحمد لله الذي أنقذه بي من النار) يعني: أن الله تعالى أنقذه من دخول النار والخلود بسبب إسلامه.

وهذا الحديث يدل على أن الإسلام يعرض على الصغير، فقد يسلم ويحسن إسلامه ولو كان صغيراً، وأن ذلك ليس مقصوراً على الكبار.

<<  <  ج:
ص:  >  >>