[شرح حديث:(من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن أبي جناب عن مغراء العبدي عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر -قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض- لم تقبل منه الصلاة التي صلى).
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [(من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر)] يعني: من سمع المؤذن فلم يمنعه من أن يستجيب لدعوته ويأتي إلى المسجد عذر -قيل: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض [(لم تقبل منه الصلاة التي صلى)] يعني: التي صلى في بيته؛ لكونه ما أجاب الداعي، والمقصود: أنه لم يحصل له تمام القبول، وإلا فإنه قد جاء ما يدل على أن صلاة من صلى في بيته صحيحة، ولكنه يفوته خير كثير، ويفوته مضاعفة الصلاة التي تحصل لمن صلى جماعة، كما قال عليه الصلاة والسلام:(تفضل صلاة الجماعة صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)، أو (بخمسة وعشرين جزءاً) فهذا يدلنا على أن الصلاة تصح وأن الجماعة ليست بشرط.
وبعض أهل الظاهر قال: إنها شرط.
ومعنى هذا أنه لو صلى في بيته لا تصح صلاته، وأن صلاته تكون غير صحيحة، ولكن الصحيح أنها تكون صحيحة، وحديث التفضيل بسبع وعشرين درجة أو بخمسة وعشرين جزءاً يدل على صحتها، ولكن مع فوات هذا الخير الكثير، وما جاء من التشديد في ترك الجماعة يدل على أنه يفوته الخير الكثير، وأنه يحصل إثماً بذلك؛ لأنه فعل ما يستحق العقوبة عليه.
والحديث ورد من طريق أخرى بلفظ:(من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) والمقصود أنه لا صلاة له كاملة، وليس المقصود أن صلاته وجودها كعدمها؛ لأنه قد جاء ما يدل على أن صلاته تصح، ولكنه يفوته خير كثير وثواب جزيل.