يعتبر الباقر من الأئمة الاثني عشر عند الرافضة، وهم يدعون فيهم العصمة، ويقولون فيهم من المبالغة ما لا يجوز أن يطلق عليهم ولا على أحد من البشر، بل يطلقون عليهم أموراً عظيمة وخطيرة كما جاء في كتاب الكافي -وهو من أعظم كتب الرافضة-: (باب أن الأئمة يعلمون ما كان وما سيكون وأنهم يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيارهم!) وكذلك: (باب أنه ليس شيء من الحق إلا ما خرج من عند الأئمة وأن كل شيء لم يخرج من عند الأئمة فهو باطل)، وهكذا الأبواب في كتاب الكافي، وتحتها أحاديث مكذوبة من نوع هذه الترجمة، وأما أهل السنة والجماعة فيعرفون لأهل البيت قدرهم وفضلهم، لا سيما من كان منهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل علي وأولاده، والعباس وأولاده، وقد جاءت نصوص عن أهل السنة تدل على تعظيم آل البيت وبيان قدرهم، فقد أورد البخاري أثرين في صحيحه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أحدهما قوله: الله! لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي).
يعني: أن صلة قرابة آل محمد أحب إليه من أن يصل آل أبي بكر، وفي الأثر الآخر يقول:(ارقبوا محمداً في أهل بيته).
يعني: راعوا وصيته في أهل بيته صلى الله عليه وسلم.
وكذلك عمر جاء عنه ما يدل على معرفة قدر أهل البيت، فلما أصابهم القحط والجدب خرج بالناس للاستسقاء، وطلب من العباس أن يدعو للناس؛ لأنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال -كما في صحيح البخاري -: (اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا -يعني: طلبنا منه أن يدعو لنا فتسقينا- وإنا نتوسل إليك بعم نبينا -يعني: بدعائه- قم يا عم نبينا فادع الله، وما قال: يا عباس؛ لأن المقصود هو قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا منهج أهل السنة والجماعة وطريقتهم، وأما الرافضة فهم يغلون في الأئمة الاثني عشر، ومنهم أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين رحمة الله عليه، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة).
وقيل: إنه أبو جعفر المؤذن، قال المزي في تحفة الأشراف: ويقال: إنه أبو جعفر المؤذن، وهو مقبول أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي في عمل اليوم والليلة وابن ماجة، وقال في التقريب في الكنى: أبو جعفر المؤذن الأنصاري المدني مقبول من الثالثة، ومن زعم أنه محمد بن علي بن حسين فقد وهم، ولعله يقصد المزي فإنه قال: يقال: هو محمد بن علي بن حسين.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب، وهو أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً على الإطلاق.
هذا الحديث سبق أن مر في باب ما يقوله الرجل إذا سلم، وفي حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته قال: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت) رواه مسلم وغيره، وأبو داود رحمه الله ذكره في (باب ما يقوله إذا سلم) يعني: بعد السلام، وقد جاء بالروايات الكثيرة التي فيها الذكر بعد السلام، مثل:(اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام) لكن الإمام مسلم رحمه الله، وكذلك بعض الذين خرجوا الحديث غير مسلم ذكروا أنه كان يقول ذلك بين التشهد والتسليم، أي: في آخر الصلاة قبل السلام، والحديث مخرجه واحد، فيمكن أن يحمل قوله:(إذا سلم من صلاته): إذا أراد أن يسلم، يعني: قبل السلام، وبذلك يتفق هذا اللفظ مع رواية مسلم وغيره التي فيها:(كان من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم)، لكن الدعاء بعد السلام ثابت، ومنه: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله.