[شرح حديث:(قام رجل إلى النبي وهو يخطب فقال جيراني بم أخذوا فأعرض عنه مرتين)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن قدامة ومؤمل بن هشام قال ابن قدامة: حدثني إسماعيل عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال ابن قدامة:(إن أخاه أو عمه، قال مؤمل إنه قام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخطب فقال: جيراني بم أخذوا؟ فأعرض عنه مرتين، ثم ذكر شيئاً، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: خلوا له عن جيرانه) لم يذكر مؤمل: وهو يخطب].
أورد أبو داود حديث معاوية بن حيدة قوله:(إن أخاه أو عمه قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال: جيراني بم أخذوا؟ فأعرض عنه)].
يعني: بم حبسوا؟ قوله: [(ثم ذكر شيئاً فقال: خلوا له جيرانه)] يعني: أطلقوا سراحهم.
قوله: [(قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب)].
يعني: أنه خاطبه وهو يخطب، ومحادثة الخطيب سائغ حتى في الجمعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه رجل وهو يخطب يوم الجمعة فقال:(يا رسول الله! هلكت الأموال فانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا فرفع يديه واستسقى) وكذلك الخطيب يجوز له أن يكلم بعض الحاضرين، مثل ما حصل من الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء الرجل الذي كان يتخطى رقاب الناس، فقال له:(اجلس فقد آذيت).
كذلك الرجل الذي جاء ودخل وجلس ولم يصل فقال:(أصليت ركعتين؟ فقال: لا.
قال: قم فصل ركعتين وتجوز فيهما) وكذلك عمر رضي الله عنه لما كان يخطب يوم الجمعة فدخل عثمان بن عفان فقال: أي ساعة هذه؟ -يخاطب عثمان - فقال: إني كنت في كذا فما شعرت إلا وقد جاء الأذان فما زدت أن توضأت وجئت، فقال: والوضوء أيضاً! يعني: لم تغتسل مع تأخرك.
فهذا كله يدل على أن الخطيب يتكلم مع الحاضرين، وأن الخطيب يمكن أن يُخَاطب في الأمر الذي يقتضي ذلك، كأن يطلب منه أن يدعو الله عز وجل بأن يغيثهم الله سبحانه وتعالى، لكن هنا في هذا الحديث ما يدرى أكان في جمعة أم في غير جمعة.