قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني وهناد بن السري المعنى واحد، قال إسحاق: حدثنا عبدة بن سليمان عن ابن أبي عروبة عن قتادة، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما:(أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي، قال: أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة)].
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم:(سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ومن شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب).
أي: شك الراوي هل قال: أخ أو قريب، (قال: أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة)، وهذا مطابق للترجمة من جهة أن الرجل يحج عن الرجل، وأن الرجل يحج عن غيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:(حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة).
وفيه دليل على أن الإنسان لا يحج عن غيره إلا إذا كان قد حج عن نفسه.
فيبدأ بنفسه أولاً، ثم يحج عن غيره، فلا يحج عن غيره وهو لم يحج عن نفسه، وفيه دليل أيضاً على أنه يمكن للإنسان أن يظهر في التلبية لمن يكون النسك، فيقول: لبيك لفلان، أو لبيك عن فلان، إذا كان يحج عن غيره.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم:(ومن شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب) يدل على أن الحج قد يكون من الأخ عن أخيه، وليس خاصاً بالولد عن والده كما جاء في حديث الخثعمية وحديث أبي رزين العقيلي المتقدمين، فذاك فيه حج الولد عن والده، والآخر فيه حج البنت عن والدها، وحديثنا هذا فيه حج الأخ عن أخيه أو قريبه.
وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا كان قد أحرم بالنسك عن غيره ولم يحج عن نفسه فإنه يقلب ذلك إلى نفسه، فيلبي عن نفسه، ويكون النسك له، ولا يستطيع الإنسان أن يحج حجاً واحداً عن شخصين، بل يكون الحج من واحد عن واحد، إما عن نفسه، أو عن واحد من الناس، لكن يمكن إذا كان الإنسان متمتعاً أن يجعل العمرة لشخص والحج لشخص، لأن كل واحد منهما مستقل عن الثاني بإحرامه وتحلله وما بين ذلك.