[شرح حديث عثمان في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن داود الإسكندراني حدثنا زياد بن يونس حدثني سعيد بن زياد المؤذن عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي قال: سئل ابن أبي مليكة عن الوضوء فقال: (رأيت عثمان بن عفان سئل عن الوضوء فدعا بماء، فأتي بميضأة فأصغاها على يده اليمنى، ثم أدخلها في الماء فتمضمض ثلاثاً، واستنثر ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يده اليمنى ثلاثاً، وغسل يده اليسرى ثلاثاً، ثم أدخل يده فأخذ ماءً فمسح برأسه وأذنيه، فغسل بطونهما وظهورها مرة واحدة، ثم غسل رجليه، ثم قال: أين السائلون عن الوضوء؟ هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ).
أورد أبو داود رحمه الله حديث عثمان رضي الله عنه من طريق ابن أبي مليكة، وفيه التنصيص على أعداد لم يأت ذكرها في الروايات السابقة، مثل المضمضة والاستنشاق جاء أنه تمضمض واستنشق ثلاثاً، وفيه مسح الرأس، وفيه ذكر غسل بطون الأذنين وظهورهما مرة واحدة.
قوله: [قال ابن أبي مليكة: (رأيت عثمان بن عفان سئل عن الوضوء، فدعا بماء، فأتي بميضأة).
يعني: سئل عن كيفية الوضوء فأراد أن يبينه بالفعل من أجل أن الناس يشاهدونه ويعاينونه، ويعرفون الهيئة والكيفية التي يكون عليه الوضوء، والميضأة: هي إناء فيه ماء يكفي للوضوء، أو ماء على قدر الوضوء، ولهذا قال: ميضأة، يعني: فيها ماء وضوء.
قوله: [(فأصغاها على يده اليمنى)].
يعني: أنه لم يغمس يده في الإناء، بل أصغى الإناء حتى أفرغ على يده اليمنى ثم غسل يديه.
قوله: [(ثم أدخلها في الماء)].
يعني: بعدما غسل يديه خارج الإناء صار يدخل يديه بعد ذلك ويغرف.
قوله: [(فتمضمض ثلاثاً، واستنثر ثلاثاً)].
وهذا فيه بيان كون المضمضة ثلاثاً والاستنشاق ثلاثاً.
قوله: [(وغسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يده اليمنى ثلاثاً، وغسل يده اليسرى ثلاثاً، ثم أدخل يده فأخذ ماءً فمسح برأسه وأذنيه فغسل بطونهما وظهورهما مرة واحدة)].
يعني: أنه أخذ ماءً وجعله في يديه ومسح به على رأسه ومسح به أذنيه بطونهما وظهورهما؛ وذلك بأن تكون السبابة في داخل الأذنين والإبهام على ظهور الأذنين في وقت واحد فيمسح عليهما، وهذا فيه دليل على أن الأذنين حكمهما حكم الرأس، وليس حكمهما حكم الوجه، فحكمهما المسح تبعاً للرأس، وليس حكمهما الغسل تبعاً للوجه، فهما ممسوحتان لا مغسولتان، كما في الحديث: (الأذنان من الرأس)، يعني: أن حكمهما حكم الرأس في الوضوء يمسحان ولا يغسلان.
قوله: [(ثم غسل رجليه)].
لم يذكر العدد، ولكنه جاء في الرواية الأخرى ذكر أنه غسلهما ثلاثاً.
قوله: [(ثم قال: أين السائلون عن الوضوء؟ هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ)].
وهذا فيه بيان الوضوء بالفعل ثم بالقول؛ لأنه توضأ ثم قال: (هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ).