[شرح حديث (كان يؤذن بين يدي رسول الله إذا جلس على المنبر يوم الجمعة)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن السائب بن يزيد رضي الله عنه أنه قال: (كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد وأبي بكر وعمر.
ثم ساق نحو حديث يونس)].
أورد أبو داود حديث السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه أنه كان يؤذن للجمعة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان على المنبر عند باب المسجد، ثم ساق الحديث مثل حديث يونس المتقدم الذي يرويه عن ابن شهاب، ومحمد بن إسحاق يروي عن ابن شهاب في الطريق الثانية، وقد ذكر بعضه، وأحال باقيه على الرواية الأولى التي هي رواية يونس بن يزيد، وهذا فيه أنه كان الأذان عند باب المسجد، ومن المعلوم أن الأذان المقصود به إعلام الناس بأن يأتوا إلى الصلاة، والله سبحانه وتعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة:٩] والمراد الأذان الثاني؛ لأن الأذان الأول إنما وقع في زمن عثمان، والمقصود منه حضور الناس، ومن المعلوم فيما مضى أن الأذان في المسجد لا يبلغ به الصوت كثيراً، وأما في هذا الزمان فبواسطة أجهزة مكبرات الصوت يبلغ الصوت إلى كل مكان، لكن قبل أن توجد المكبرات كان الأذان داخل المسجد لا يسمعه الناس، فالأذان إنما يكون في مكان عال، إما على سطح المسجد، أو عند باب المسجد، أو في دار قريبة من المسجد كما سبق أن مر في باب الأذان على المنارة، وفيه أنه كان يؤذن على دار امرأة كانت عالية.
والروايات المختلفة ليس فيها ذكر الأذان على باب المسجد، وإنما فيها ذكر الأذان عندما يجلس الرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر، ولهذا فإن الشيخ الألباني رحمه الله ضعف هذه الرواية فقال:(إنها منكرة) وذلك لأنها من رواية محمد بن إسحاق، وقد روى بالعنعنة، وغيره لم يذكر هذا الذي ذكره محمد بن إسحاق، لكن الأذان لا يكون داخل المسجد؛ لأن المقصود منه إعلام الناس بأن يأتوا، والأذان داخل المسجد لا يحصل به إبلاغ الناس، فلا يخرج الصوت إلى الناس إذا كان المؤذن داخل المسجد.