[شرح قوله (وإذا رفع قال سمع الله لمن حمده)]
قوله: [(وإذا رفع قال: سمع الله لمن حمده)].
أي: استجاب الله لمن حمده.
فمعنى: (سمع) استجاب.
ولهذا قال بعض أهل العلم لما سئل عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى فقيل له: ماذا تقول في معاوية؟ قال: ماذا أقول في رجل صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام في الصلاة: (سمع الله لمن حمده) فقال معاوية وراءه: ربنا ولك الحمد.
يعني أن الله تعالى استجاب لمن حمده، ومعاوية كان وراء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ربنا ولك الحمد.
ولا يشكل على ما ذكرت قول الله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:١] إذ المقصود بما في الآية السماع الذي هو سماع صوتها، ولهذا جاء في نفس الآية: ((سَمِعَ اللَّهُ)) ((يَسْمَعُ)) ((سَمِيعٌ بَصِيرٌ)) فذكر السمع في ثلاثة مواضع من الآية بالفعل الماضي وبالمضارع وبالاسم.
فقوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:١] يعني بالقول الكلام الذي جرى بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم بصوت خفي، وكانت عائشة قريبة منهما فلم تعرف ما تقول، والله تعالى سمع مجادلتها وكلامها وهو فوق عرشه سبحانه وتعالى.
فقوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ) ليس مثل (سمع الله لمن حمده) لأن معنى (سمع) هنا (استجاب) وأما ما في الآية الكريمة فيعني أن صوتها الخفي سمعه الله عز وجل الذي، وقال بعد ذلك: {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة:١]، فذكر هذه الصفة بالماضي والمضارع والاسم.
وقد تكون التعدية بحرف الجر اللام فارقة بين المعنيين.
وليس معنى هذا أن أهل السنة يؤولون الصفات، فليس هذا تأويلاً، بل الأمر اختلاف في المعاني في أصل الوضع العربي.
قوله: [(وإذا رفع قال سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد ملء السموات والأرض وملء ما شئت من شيءٍ بعد)].
يعني أن ذلك الحمد والثناء كبير، وأنه ملء السموات وملء الأرض وملء ما شاء من شيءٍ بعد ملء السموات والأرض، فهو تعظيم لله عز وجل وثناء عليه بأنه المستحق للحمد والإكثار من الحمد.