[تراجم رجال إسناد حديث أبي أيوب الأنصاري في غسل المحرم رأسه]
قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين].
إبراهيم بن عبد الله بن حنين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
عبد الله بن حنين وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي أيوب].
هو خالد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه، وهو صحابي مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
فائدة: ذكرنا سابقاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع التلبية حين رمى جمرة العقبة، وقد جاء في صحيح ابن خزيمة (أنه قطع التلبية مع آخر حصاة رماها) وقد صححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
ففي صحيح ابن خزيمة الجزء (٤/ ٢٨١) قال رحمه الله تعالى: باب قطع التلبية إذا رمى الحاج جمرة العقبة يوم النحر.
حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل -يعني: ابن جعفر - حدثنا محمد -وهو ابن أبي حرملة - عن كريب مولى ابن عباس، قال كريب: فأخبرني عبد الله بن العباس رضي الله عنهما أن الفضل رضي الله عنه أخبره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة).
قال أبو بكر -وهو ابن خزيمة -: خرجت طرق أخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة في كتابي الكبير، وهذه اللفظة دالة على أنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة بسبع حصيات، إذ هذه اللفظة: (حتى رمى الجمرة) و (حتى رمى جمرة العقبة) ظاهرها حتى رمى جمرة العقبة بتمامها، إذ غير جائز من جنس العربية إذا رمى الرامي حصاة واحدة أن يقال: رمى الجمرة، وإنما يقال: رمى الجمرة إذا رماها بسبع حصيات، وروي عن ابن مسعود: (فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة) حدثناه علي بن حجر أخبرنا شريك عن عامر عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال: (رمقت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة).
قال أبو بكر: ولعله يخطر ببال بعض العلماء أن في هذا الخبر دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع التلبية عند أول حصاة يرميها من جمرة العقبة، وهذا عندي من الجنس الذي أعلمت في غير موضع من كتابنا أن الأمر قد يكون إلى وقت موقت في الخبر، والزجر يكون إلى وقت موقت في الخبر، ولا يكون في ذكر الوقت ما يدل على أن الأمر بعد ذلك الوقت ساقط، ولا أن الزجر بعد ذلك الوقت ساقط، كزجره صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الصلاة حتى تطلع الشمس، فلم يكن في قوله دلالة على أن الشمس إذا طلعت فالصلاة جائزة عند طلوعها؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد زجر أن يتحرى بالصلاة طلوع الشمس وغروبها، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أعلم أن الشمس تطلع بين قرني شيطان، فزجر عن الصلاة عند طلوع الشمس، وقال: (وإذا ارتفعت فارقها)، فدلهم بهذه المخاطبة أن الصلاة عند طلوعها غير جائزة حتى ترتفع الشمس، وقد أمليت من هذا الجنس مسائل كثيرة في الكتب المصنفة، والدليل على صحة هذا التأويل: الحديث المصرح الذي حدثناه محمد بن حفص الشيباني حدثنا حفص بن غياث حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن حسين عن ابن عباس عن أخيه الفضل رضي الله عنهم أنه قال: (أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخرها حصاة).
قال أبو بكر: فهذا الخبر يصرح أنه قطع التلبية مع آخر حصاة لا مع أولها، فإن لم يفهم بعض طلبة العلم هذا الجنس الذي ذكرنا في الوقت، فأكثر ما في هذين الخبر من أساس لو قال: لم يلب النبي صلى الله عليه وسلم بعد أول حصاة رماها، وقال الفضل: لبى بعد ذلك حتى رمى الحصاة السابعة، فكل من يفهم العلم، ويحسن الفقه، ولا يكابر عقله ولا يعاند؛ علم أن الخبر هو من يخبر بكون الشيء أو بسماعه لا ممن يدفع الشيء وينكره، وقد بينت هذه المسألة في مواضع من كتبنا.
قال الشيخ الألباني: إسناده صحيح، أخرجه النسائي من طريق ابن عباس وليس فيه (ثم قطع التلبية مع آخرها) لكن في السنن الكبرى للبيهقي في (٥/ ١٣٧) من طريق ابن خزيمة مثله، قال البيهقي: (ثم قطع التلبية في آخرها) زيادة غريبة، انظر الفتح (٣/ ٥٣٣).
والنبي صلى الله عليه وسلم تلبيته معروفة، وكان يزيد عليها، وهي: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، فهي طويلة، فكيف يقولها عند رمي كل حصاة؟! لكن إذا صح هذا الحديث فإنه يجب الأخذ به، لكن ينبغي أن يرجع إلى كلام الحافظ ابن حجر وينظر ماذا قال في هذه الزيادة؛ لأن التلبية عند الرمي بكل حصاة غريبة!