للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث أم كرز في العقيقة]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في العقيقة.

حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن حبيبة بنت ميسرة عن أم كرز الكعبية رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة).

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: مكافئتان: أي مستويتان أو مقاربتان].

لما ذكر الإمام أبو داود رحمه الله كتاب الأضاحي ألحق به العقيقة، وجعلها ضمن ذلك الكتاب ملحقة به وإن كانت ليست داخلة في الكتاب، ولكن لها تعلق بالكتاب من جهة أن الأضحية قربة تكون في أيام معينة؛ فكذلك العقيقة هي مشروعة وتكون بمناسبة معينة وبحالة معينة.

وألحق هذا الباب بكتاب الأضاحي ولم يخصص للعقيقة كتاباً اكتفاء بإلحاقها بما يشبهها ويماثلها في الجملة.

واشتقاق العقيقة قيل: إنها من العق وهو القطع، وذلك أن العقيقة تذبح وتقطع رقبتها أو تقطع أمكنة الذبح منها من أجل شكر الله عز وجل على النعمة بالمولود أو المولودة.

والعقيقة هي النسيكة التي تذبح عن المولود عندما يولد، وهي شكر لله عز وجل على النعمة بهذا المولود.

ولما كان هناك تفاوت بين الذكور والإناث جعلت العقيقة والشكر لله عز وجل على الذكر ضعف العقيقة التي تكون للأنثى، فصار للغلام شاتان وللجارية شاة واحدة، وهذه المسألة هي إحدى المسائل الخمس التي تكون النساء على النصف من الرجال فيها، وهي: ١ - مسألة العقيقة.

٢ - مسألة الدية.

٣ - مسألة الميراث.

٤ - مسألة الشهادة.

٥ - مسألة العتق من النار بعتق المملوك.

أما الميراث فقال تعالى في حق الأولاد: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:١١]، وقال في حق الإخوة الأشقاء أو لأب: {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:١٧٦].

وأما بالنسبة للعقيقة فسنتكلم عنها في هذا الباب.

ودية المرأة على النصف من الرجل كما هو معلوم.

وشهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين كما جاء في آية الدين في آخر سورة البقرة.

وعتق الذكر يكون فيه فكاك معتقه من النار، وإذا أعتق جاريتين كانتا فكاكه من النار، كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبعض أهل العلم يقول: إنها واجبة، وبعضهم يقول: إنها من السنن المستحبة، والإنسان الذي يقدر على ذلك لا ينبغي له أن يتأخر أو يتهاون في ذلك، والذي لا يستطيع فـ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦].

ومن جاءه غلام ذكر وكان يقدر على ذبح شاة ولا يقدر على ذبح شاتين، فله أن ينتظر إلى أن يقدر على الاثنتين، ولا ينبغي أن يستدين إلا إذا كان له وفاء.

وعلى هذا فإن العقيقة جاءت بتمييز الذكور على الإناث، وذلك أن الذكور يتميزون على الإناث، فصار شكر الله عز وجل على النعمة في حقهم أكثر وأعظم.

وقد جاء ذلك في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك حديث أم كرز الكعبية رضي الله عنها الذي أورده المصنف، وفيه: [(عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة)].

قوله: [(مكافئتان)] جاء تفسيرها في بعض الأحاديث، أي: متماثلتان متقاربتان، وجاء توضيح ذلك في بعض الروايات بأنهما مثلان، أي: كل واحدة مثل الأخرى، فهما متماثلتان متشابهتان متقاربتان.

<<  <  ج:
ص:  >  >>