[شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من رأى الاستفتاح بـ (سبحانك اللهم وبحمدك).
حدثنا عبد السلام بن مطهر حدثنا جعفر عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله سلم إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: سبحانك -اللهم- وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
ثم يقول: لا إله إلا الله -ثلاثا- ثم يقول: الله أكبر كبيرا -ثلاثا- أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
ثم يقرأ).
قال أبو داود: وهذا الحديث يقولون: هو عن علي بن علي عن الحسن مرسلا، الوهم من جعفر].
أورد أبو داود هذه الترجمة: [باب من رأى الاستفتاح بـ (سبحانك اللهم وبحمدك)] وهذا نوع من أنواع الاستفتاح التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي جاءت عن الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم، وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر في الصلاة قال: [(سبحانك -اللهم- وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)] قوله: [(سبحانك -اللهم- وبحمدك)] تنزيه لله عز وجل وتعظيم له؛ لأن التسبيح هو تنزيه، والحمد هو ثناء.
ثم بعد ذلك قال: [(وتبارك اسمك)] و (تبارك) لا تأتي إلا مضافة إلى الله سبحانه وتعالى، ولا يطلق على غيره هذا اللفظ، ولا يقال لمخلوق: تبارك.
ولا يقال: تعالى.
ولا يقال: سبحان فلان.
لأن هذه الألفاظ الثلاثة كلها من خصائص الله، ولا تقال إلا لله سبحانه وتعالى.
قوله: [(وتعالى جدك)] الجد هو العظمة، ومنه قول الله عز وجل فيما حكاه عن الجن: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [الجن:٣] فالجد هنا العظمة، فيأتي الجد بمعنى العظمة كما هنا، وكما في الآية، ويأتي الجد بمعنى الحظ والنصيب، ومنه قول الشاعر: الجد بالجد والحرمان بالكسل.
يعني: الحظ والنصيب إنما يكون بالجد والاجتهاد، والحرمان الذي هو مقابل الحظ ومقابل الجد يكون بالكسل.
ويأتي بمعنى أبي الأب وأبي الأم، فيقال له: جد.
فلفظ الجد يأتي ويراد به العظمة، ويأتي ويراد به الجد الذي هو الأب الثاني، سواءٌ من جهة الأب أو الأم، ويأتي بمعنى الحظ والنصيب، ومنه الحديث: (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) يعني: لا ينفع صاحب الحظ حظه عندك، وإنما ينفعه العمل الصالح.
وقوله: [(تبارك اسمك)] يعني: كثرت بركته وخيره.