للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف كان يصوم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان)].

أورد أبو داود رحمه الله باب كيف كان يصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يعني: في النفل، والمقصود من إيراد هذه الترجمة بيان فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه كان في بعض الأشهر يكثر من الصيام حتى يقال: لا يفطر، ومعناه: أنه يكمل الشهر، وفي بعضها: (يفطر حتى يقال: لا يصوم) فهذا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا وهذا، وأما قوله فقد جاء في أحاديث كثيرة صوم كذا وصوم كذا وصوم كذا، ولكن فعله الذي تحكيه عائشة رضي الله عنها أنه كان يصوم حتى يقولوا: لا يفطر، ومعناه: أنه يريد أن يكمل الشهر، وكان يفطر حتى يقولوا: لا يصوم، معناه: أنه يكمل الشهر غير صائم، ثم يصوم، ومعنى ذلك: أنه لا يخلي شهراً من صيام، ولكنه أحياناً يكون كثيراً، وأحياناً يكون قليلاً، ثم بينت مثالاً للكثير وأنه لم يستكمل شهراً إلا رمضان، وهذا بيان منها أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أكمل شهراً متطوعاً، ولكنها أخبرت بأنه أكثر ما كان يصوم في شعبان، وهذا يبين لنا ما تقدم من أنه يصوم شعبان كله، وأن المقصود به الغالبية والأكثر، كما جاء في هذا الحديث: (وأنه كان أكثر ما يصوم في شعبان) ولم يكن يستكمل شهراً إلا رمضان، ومعنى هذا: أن ما جاء عنها في بعض الروايات عن شعبان أنه يصومه ويصله برمضان أن هذا محمول على الغالب، وليس معنى ذلك أنه قد استكمله كما في هذا الحديث الذي جاء عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>