[شرح حديث أبي هريرة (من لم يدع قول الزور والعمل به)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الغيبة للصائم.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) قال أحمد: فهمت إسناده من ابن أبي ذئب، وأفهمني الحديث رجل إلى جنبه أراه ابن أخيه].
أورد أبو داود باباً في الغيبة، يعني: كونها تحصل من الصائم، وهل تؤثر على صومه؟ الغيبة محرمة في جميع الأوقات، ولكن عندما يكون الإنسان متلبساً بعبادة يكون الأمر أشد وأعظم، وإلا فإن الغيبة محرمة دائماً وأبداً إلا ما استثني منها فيما يتعلق بنصيحة ومشورة وجرح الرواة والشهود، وما إلى ذلك من الأمور التي هي سائغة، وإلا فإن الأصل هو تحريمها دائماً وأبداً، ولكن إيرادها والتنصيص عليها في الصيام يدل على خطورتها أكثر وأشد؛ لأن المتلبس بالعبادة حصول المعصية منه أعظم من حصولها من غير متلبس بها، وكذلك كون الأمور المحرمة تحصل في بعض الأزمنة والأمكنة الفاضلة لا شك أنها أخطر وأشد من فعلها في أزمنة وأمكنة أخرى، ليست ذات ميزة وفضل وشرف على غيرها من الأزمان أو الأمكنة.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) الله عز وجل ليس بحاجة إلى العباد وإلى طاعاتهم، لا تنفعه طاعات المطيعين، ولا تضره معاصي العاصين، بل هو النافع الضار، وإنما تنفع الطاعة أصحابها، وتضر المعاصي أصحابها، فالضرر يعود عليهم، والله تعالى ليس له حاجة في أعمالهم، ولا تضره معاصيهم، وإنما هو النافع الضار سبحانه وتعالى.
قوله: [(من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)].
معنى هذا أنه صام وترك الأكل والشرب وهي من الأشياء المباحة، إلا أنه حيل بينه وبينها من أجل الصيام، ولم يترك الشيء المحرم الذي لا يجوز له لا في الصيام ولا في غير الصيام مثل الغيبة، وهذا فيه بيان خطورة المعاصي، وأنها تنقص الأجر وتضعفه، وقد تكون سبباً في حرمان الأجر، ولكن لا يعني ذلك أن من حصل منه غيبة أنه يعتبر قد أفطر، وفسد صومه، وأن عليه أن يقضي يوماً آخر؛ وإنما عليه أن يستغفر الله عز وجل ويتوب مما حصل منه من الغيبة.