قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يقول إذا سمع الإقامة.
حدثنا سليمان بن داود العتكي حدثنا محمد بن ثابت حدثني رجل من أهل الشام عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة رضي الله عنه -أو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- أن بلالاً رضي الله عنه أخذ في الإقامة، فلما أن قال: قد قامت الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أقامها الله وأدامها) وقال في سائر الإقامة كنحو حديث عمر رضي الله عنه في الأذان].
أورد أبو داود رحمه الله [باب ما يقول إذا سمع الإقامة] يعني: إقامة الصلاة، والجواب أنه يقال عند سماع الإقامة مثل ما يقول المؤذن:(الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:(إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن)، والإقامة أذان، وقد جاء إطلاق الأذان عليها في قوله صلى الله عليه وسلم:(بين كل أذانين صلاة) والمقصود: بين الأذان والإقامة، وكذلك جاء في الحديث الآخر:(تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة، قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية) يعني: بين الأذان الذي هو الإقامة والسحور الذي هو الإمساك عند الأذان، فمقدار قراءة خمسين آية هو الفارق بين الأذان والإقامة، فأطلق على الإقامة بأنها أذان، وكذلك جاء الحديث الذي مر قبل:(إذا ثوب بالصلاة) يعني: رجع إلى النداء؛ لأن الأذان هو نداء، فالإقامة أذان، وهي نداء، إلا أن الأذان لإعلام الناس في بيوتهم بأن يأتوا، والإقامة إعلام الناس بأن يقوموا إلى الصلاة، فالذي تدل عليه الأحاديث هو أنه عند الإقامة يقال مثل ما يقول المؤذن تماماً، ولا يستثنى من ذلك إلا:(حي على الصلاة حي على الفلاح) فيقال: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد أورد أبو داود رحمه الله في هذه الترجمة حديثاً ضعيفاً عن أبي أمامة رضي الله عنه أن بلالاً أخذ في الإقامة فلما قال:(قد قامت الصلاة) قال عليه السلام: [(أقامها الله وأدامها)] وقال في سائر ألفاظ الإقامة مثل ما جاء في حديث عمر في الأذان، يعني أنه يقول مثل ما يقول المؤذن، إلا أنه عند قوله: قد قامت الصلاة قال: [(أقامها الله وأدامها)].
فهذا الحديث الذي ورد في بيان ما يقال عند قوله:(قد قامت الصلاة) وباقي الحديث أحاله إلى حديث عمر المتقدم، وأنه يقول مثل ما يقول.
والصحيح أنه يقول مثل ما يقول في الإقامة كلها إلا الحيعلتين، وهو الذي تقتضيه الأحاديث التي مرت، وأما الحديث هذا فليس بصحيح بل هو ضعيف؛ لأن فيه هذا الرجل المبهم الذي هو من أهل الشام، فإنه غير معروف، وأيضاً فيه شهر بن حوشب، وهو كثير الإرسال والأوهام، وكذلك فيه -أيضاً- محمد بن ثابت صدوق لين الحديث.