حديث:(الله يعلم أن أحدكما كاذب) ألا يدل هذا دلالة قاطعة على خطأ من يدعي أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب؟
الجواب
لا شك أن هذا من جملة الأدلة التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، فالغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل، وقد جاءت نصوص كثيرة تدل على أنه عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب، فالغيب من خصائص الله، كما قال عز وجل:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}[النمل:٦٥]، والرسول صلى الله عليه وسلم يعلم من الغيوب ما أطلعه الله عليه، وأما الشيء الذي لم يطلعه الله عليه فلا يعلمه، فهو من خصائص الله سبحانه وتعالى، ومن الأدلة أيضاً الحديث الذي فيه:(إنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بشيء من ذلك فإنما أقطع له قطعة من نار، فإن شاء فليأخذها وإن شاء فليدعها)، فالرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أنه يحكم بالظاهر، فهم يختصمون لديه ولعل بعضهم أن يكون ألحن بحجته، فقد يقضي للشخص بغير حقه، ولو كان يعلم الغيب فإنه بمجرد أن يأتي إليه الخصمان يقول لهما: الحق لفلان دون فلان.
وأيضاً قصة العِقد الذي فقدته عائشة رضي الله تعالى عنها حين كانوا في سفر، فمكث الرسول صلى الله عليه وسلم ومكث الناس معه يبحثون عنه، وأرسل أناساً يبحثون عنه، ثم بعد ذلك لما جاء الصباح ولم يجدوه وقد انتهى الماء أنزل الله آية التيمم فتيمموا وصلوا، ولما أرادوا الانطلاق أثاروا الجمل وإذا العقد تحت الجمل، فلو كان عليه السلام يعلم الغيب لعلم مكان العقد، ولقال: انظروه تحت الجمل، أو استخرجوه من تحت الجمل، فهو صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، وإنما يعلم من الغيب ما أطلعه الله عليه، وأما ما أخفاه الله عنه فلا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وهذا الحديث من جملة الأدلة الكثيرة التي تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب.