[تراجم رجال إسناد تشهد ابن مسعود مع زيادة الدعاء]
قوله: [حدثنا تميم بن المنتصر].
ثقة أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[أخبرنا إسحاق -يعني: ابن يوسف -].
هو إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقوله: [يعني] أتى بها من دون تميم بن المنتصر تلميذ إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو إما أبو داود أو من دون أبي داود، وأتى بها لأن تميم بن المنتصر لما حدث عن شيخه إسحاق لم يزد على كلمة [عن إسحاق] وهذا ما يسمونه في علم المصطلح بالمهمل، أي: الذي ذكر اسمه ولم ينسب، وهو نوع من أنواع علوم الحديث.
فتلميذه ما زاد على كلمة [عن إسحاق] ولكن من دونه أراد أن يبين من هو إسحاق وأتى بكلمة [يعني] ولم يقل: إسحاق بن يوسف؛ لأنه لو قال: إسحاق بن يوسف لفهم أن هذا كلام تلميذه تميم بن المنتصر، وكلمة [يعني] فعل مضارع فاعلها ضمير مستتر يرجع إلى إسحاق بن يوسف الأزرق، وقائلها أبو داود أو من دون أبي داود.
[عن شريك].
هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي وهو صدوق يخطئ كثيراً، واختلط لما ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
لكن الرواية المتقدمة التي أحال عليها في الحديث السابق قد جاءت من الطريق السابقة ومن غيرها، فهي ثابتة من هذه الطريق ومن الطرق الأخرى، وأما زيادة الدعاء التي جاءت بعد ذلك فلم تأت إلا من هذه الطريق، ولا أدري هل يرويها أبو داود يرويها عن شريك بالإسناد المتقدم إليه، أو أنه معلق وأن الواسطة بينه وبين شريك بالنسبة للزيادة التي زادها سقطت.
[عن أبي إسحاق].
وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الأحوص].
هو عوف بن مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، وهذا غير أبي الأحوص الذي سبق أن مر في حديثين حيث روى عن أبي ذر حديث: (لا يزال الله مقبلاً على العبد ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه) وحديث بعده وهو حديث النهي عن مسح المصلي الحصى فإن الرحمة تواجهه، يرويه أبو الأحوص شيخ من أهل المدينة عن أبي ذر، وفي رواية أنه مولى بني ليث أو مولى بني غفار، وهو الذي لم يرو عنه إلا الزهري، وهو يروي عن أبي ذر، وهو مجهول، وقال عنه الحافظ في التقريب: مقبول، فهذا غير ذاك، هذا ثقة وذاك إما مجهول وإما مقبول، وحديثه لا يصح، والاثنان في طبقة التابعين.
وهناك شخص يقال له أبو الأحوص وهو من طبقة شيوخ شيوخ أبي داود، ويأتي ذكره كثيراً في الأسانيد، وهو سلام بن سليم الحنفي، وهو ثقة.
[عن عبد الله بن مسعود] عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وبعض العلماء يعده من العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الصحيح كما قاله بعض أهل العلم أن ابن مسعود ليس معهم، وإنما هم من صغار الصحابة وهم متقاربون في السن، وأدركهم من لم يدرك ابن مسعود، وأما ابن مسعود فقد توفي قديماً سنة اثنتين وثلاثين، وأما وفاة هؤلاء فكانت بعد الستين، والعبادلة الأربعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم هم: عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
[قال شريك: وحدثنا جامع -يعني ابن شداد -] وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي وائل].
وهو شقيق بن سلمة، يأتي ذكره في بعض الروايات باسمه، ويأتي ذكره بكنيته كما هنا، وهو ثقة مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بمثله].
أي: مثل حديث ابن مسعود المتقدم؛ فالأول قال (نحوه)، والثاني قال (بمثله)، وكلمة (بمثله) تعني المماثلة في الألفاظ والمعاني، وكلمة (نحوه) تعني المماثلة في المعاني مع اختلاف في شيء من الألفاظ.
[قال: وكان يعلمنا كلمات ولم يكن يعلمناهن كما يعلمنا التشهد].
أي: أنه كان يعلمهم كلمات، لكن تعليمهم إياها كان دون تعليمهم التشهد في الاهتمام والعناية، ولذا جاء في بعض الروايات عن ابن مسعود في التشهد: أن كفه كانت بين كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على الاهتمام والعناية، وأيضاً كون ابن مسعود يخبر بهذا يدل على ضبطه لما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن من يتقن الهيئة التي كان عليها عند التحديث بالحديث فذلك يدل على أنه قد ضبط الحديث، ويقولون: إن الحديث إذا كان له قصة فذلك يدل على ضبط الراوي، وذلك مثل قول ابن عمر رضي الله عنه في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه: (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي وقال: كن في الدنيا كأنك غريب) فكذلك ابن مسعود يقول: (كانت كفي بين كفيه) يعني علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وكفي بين كفيه، ثم ذكر هذا الدعاء، ومعناه واضح.
والألباني ضعف هذه الزيادة التي فيها الدعاء، وأما معناه فهو مستقيم، والإنسان يدعو بأي دعاء مستقيم، لكنه يختار الأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.