حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثنا منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قوماً وأعقابهم تلوح، فقال:(ويل للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي إسباغ الوضوء، فبعدما ذكر الإسراف، وذكر ما يجزئ ذكر الإسباغ، وأنه يكون باستيعاب الأعضاء، وبالدلك، وبالتثليث، بحيث لا يزيد عن ذلك؛ لأنه لو زاد عن ذلك صار إسرافاً، وإنما يكون الإسباغ بدلك الأعضاء وبإيصاله إلى ثلاث غسلات ما عدا الرأس؛ فإنه يمسح مرة واحدة، وأما بقية الأعضاء فإنها تغسل ثلاث مرات، وهذا نهاية ما يؤتى به في الوضوء بحيث يكون الغسل ثلاث مرات.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم أنه اغتسل مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وفي بعضها التفاوت، كل ذلك جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يزد على ثلاث، وأقل شيء مرة واحدة مستوعبة لأعضاء الوضوء.
وقوله:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أناساً أعقابهم تلوح) العقب هو: ما يكون مؤخر الرجل في المكان الذي يكون منخفضاً، فإنه قد ينبو عنه الماء، وقوله:(رأى أعقابهم تلوح) يعني: بياضاً؛ لأن الماء لم يصلها، يعني: أن الهيئة التي كانت عليها قبل أن يتوضأ بقيت على ما هي عليه فصار الماء حولها وهي بقيت على ما هي عليه لم يحصل لها شيء من الماء، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال:(ويل للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء) يعني: استوعبوا وتحققوا من كون الماء وصل إلى جميع الأعضاء، وتحققوا من أنه لم يبق شيء لم يصل إليه الماء، وهذا فيه دليل على أن الأعضاء أو الأماكن التي ينبو عنها الماء فعلى الإنسان أن يحرص على تعاهدها كالأعقاب مثلاً.
وقوله:(ويل للأعقاب من النار) قيل: إن المقصود عذاب أهلها، وقيل: المقصود أنها هي نفسها يصيبها العذاب وتصيبها النار لكونها هي التي حصل فيها التقتير وعدم القيام بالواجب نحوها وهو الغسل.