للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان ح وحدثنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية قال: حدثني صفوان نحوه، قال: حدثني أزهر بن عبد الله الحرازي عن أبي عامر الهوزني عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فينا فقال: (ألا إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام فينا فقال: ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة).

زاد ابن يحيى وعمرو في حديثيهما: (وإنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب لصاحبه، -وقال عمرو: الكلب بصاحبه- لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله)].

أورد أبو داود حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه في افتراق الأمم السابقة على اثنتين وسبعين، وافتراق هذه الأمة على ثلاث وسبعين، وأن اثنتين وسبعين منها في النار، وواحدة في الجنة، وأن هذه الواحدة التي في الجنة هي الجماعة، أي: الذين كانوا على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما جاء تفسير ذلك في بعض الروايات بقوله: (هم من كانوا على ما أنا عليه وأصحابي)، والحديث دال على ما دل عليه حديث أبي هريرة من افتراق الأمم السابقة، واللفظ الذي ذكره هو الذي جاء في بعض الأحاديث عن النصارى، وأنهم انقسموا على اثنتين وسبعين فرقة، وهذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، وهو مطابق لما جاء في حديث أبي هريرة المتقدم من انقسام هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، وأن اثتنين وسبعين فرقة في النار، وواحدة في الجنة، ولكن -كما قلت- هذه الأمة هي أمة الإجابة، وهذه الفرق كلها من المسلمين، ولكن أكثرهم على انحراف عن الجادة، ومستحقون للنار، وأمرهم إلى الله عز وجل، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة، أو هم من كان على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

قوله: [(وأنه سيخرج من أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحب) أي: أنه يخرج أقوام وهم من هذه الفرق الثنتين وسبعين التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنهم في النار، تتجارى فيهم الأهواء، والأهواء هي: البدع التي يتبع فيها الهوى ولا تتبع فيها السنة فيكون عندهم انحراف، مع كونهم مسلمين، (تتجارى بهم الأهواء) أي: أن الأهواء توجد فيهم، وتتمكن من عقولهم (كما يتجارى الكلب بصاحبه)، والكلب: هو الداء الذي يحصل من الكلب الذي أصيب بداء الكلب، فإذا عضّ أحداً فإنه يحصل لذلك المعضوض بسبب هذه العضة ضرر وألم يصل إلى جميع جسده، ولا يبقى منه مفصل أو عرق إلا دخله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>