للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث: (لا طلاق إلا فيما تملك)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الطلاق قبل النكاح.

حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام.

ح وحدثنا ابن الصباح حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد قالا: حدثنا مطر الوراق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك) زاد ابن الصباح (ولا وفاء نذر إلا فيما تملك)].

أورد أبو داود [باب في الطلاق قبل النكاح] يعني: ما حكمه؟ أي أنه لا يعتبر الطلاق قبل النكاح، وإنما يعتبر الطلاق بعد النكاح، بعد أن يكون قد عقد على المرأة، فعند ذلك يتمكن من تطليقها؛ لأنه زوج، أما قبل ذلك فإن كونه يطلق أجنبية لا علاقة له بها، أو يعلق الطلاق على الزواج، بحيث يقول: إن تزوجتها فهي طالق.

أو: إذا تزوجتها فهي طالق فذلك لا يعتبر؛ لأنه تطليق قبل الزواج، والله عز وجل يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:٤٩] فالطلاق يكون بعد الزواج ولا يكون قبله، فإذا وجد بأن طلق أجنبية ثم عقد عليها، أو علق النكاح على زواج امرأة فطلقها قبل أن يعقد عليها فإن ذلك لا يعتبر، فهذا هو المقصود من هذه الترجمة.

وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا طلاق إلا فيما تملك).

يعني: لمن هي زوجة له، وقبل أن تكون زوجة لا يقع الطلاق؛ لأنه طلاق في غير محله، فوجوده مثل عدمه، فالطلاق يكون بعد النكاح ولا يكون قبله، سواء أكان منجزاً أم معلقاً، منجزاً بأن يقول: طلقت فلانة.

وهي أجنبية، أو يقول: إن تزوجت فلانة فهي طالق، وإيقاع الطلاق في أجنبية إيقاع في غير محله، وإنما إيقاع الطلاق يكون بعد أن يملك عصمتها بعقد النكاح، فعند ذلك يطلق.

قوله: [(ولا عتق إلا فيما تملك)] الإنسان لا يصح أن يعتق عبداً أو أمة إلا إذا كان في ملكه، أما إذا قال: عبد فلان حُر -وهو لا يملكه- فهذا عتق باطل، وكذلك أن يقول مثلاً: إذا اشتريتُ كذا فهو حر.

لا يقع هذا العتق.

قوله: [(ولا بيع إلا فيما تملك)] يعني: لا يبيع الإنسان إلا شيئاً يملكه، فلا يصح له أن يبيع هذه السلعة وهو لا يملكها، كأن تكون السلعة لشخص من الناس لا علاقة له به، أو له به علاقة ولكن ليس له حق في التصرف والتملك في ماله، مثل الأب يأخذ شيئاً ثم يبيعه لولده، فلا يصح هذا البيع؛ لأن البيع يصح إذا كان الإنسان مالكاً لما يبيعه، أي: بعد أن يكون الإنسان مالكاً يكون بائعاً، أما أن يكون بائعاً قبل أن يكون مالكاً فهذا لا يصح.

قوله: [زاد ابن الصباح: (ولا وفاء نذر إلا فيما تملك)].

لأن من نذر أن كذا لوجه الله، وهو ملك لشخص آخر وهو لا يملكه، فلا يُوفَّى به، ولا ينعقد أصلاً، فلا تلزمه الكفارة؛ لأنه نذر في غير محله، كأن يقول: نذرتُ أن بيت فلان وقف، أو أنه لوجه الله.

لكن الفقهاء يقولون: نذر المعصية عليه كفارة يمين، لكن مثل هذا شيء لا يملكه الإنسان؛ أما كونه ينذر نذراً قد يملكه ولكن فيه معصية فيمكن أن يصير عليه كفارة يمين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>