قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب حدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة: (أن عائشة رضي الله عنها أخبرته عن بيعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم النساء، قالت: ما مس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يد امرأة قط إلا أن يأخذ عليها، فإذا أخذ عليها فأعطته قال: اذهبي فقد بايعتك)].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء، فبيعته صلى الله عليه وسلم للرجال أن يضعوا أيديهم بيده عندما يبايعونه، وأما النساء فلا يضع يده في أيديهن، وإنما يبايعهن بالكلام، ولهذا قالت عائشة:(ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة) يعني: امرأة أجنبية، وإنما كان إذا أخذ العهد أو البيعة يقول:(اذهبي فقد بايعتك)، فكان صلى الله عليه وسلم يبايع النساء كلاماً لا مساً، ولهذا قالت عائشة:(ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة) يعني: عند البيعة، وإنما كان يبايعهن بالكلام، وهن يتكلمن مبايعات، ويكون جواب النبي صلى الله عليه وسلم للواحدة منهن:(قد يايعتك).
ولا يجوز للرجال أن يصافحوا النساء الأجنبيات، ولا يمسوهن لا بحائل ولا من غير حائل، حتى لو كان هناك حائل من قفاز أو من وراء العباءة أو من وراء قماش؛ لأن هذه مصافحة ولو كانت من وراء حائل؛ لأن الذي يريد الشر يمكن مع المصافحة أن يغمزها ليشعر بالسوء، فالبعد عن ذلك هو الواجب وهو المتعين، فليس للرجل أن تمس يده يد امرأة أجنبية أو يمس جسم امرأة أجنبية، اللهم إلا إذا كان هناك ضرورة علاج أو ما إلى ذلك، فهذا شيء آخر.
والمصلحة في اتباع الشرع والتقيد بما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا اعتاد الناس عادات سيئة فعليهم أن يتركوا ما اعتادوه من السوء، وأن يصيروا إلى الطهر والخير الذي في اتباع السنة.
قوله: [(ما مس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يد امرأة قط إلا أن يأخذ عليها)].
هذا الاستثناء منقطع يعني لكن أن يأخذ عليها البيعة فتقول: أبايعك على كذا وكذا فيقول: (قد بايعتك).
قوله: [فإذا أخذ عليها فأعطته قال: (اذهبي فقد بايعتك)].
أي: إذا أخذ عليها العهد فأعطته البيعة وقالت: أبايعك على كذا وكذا، كما قال الله:{يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ}[الممتحنة:١٢]، فيقول:(قد بايعتك).