وقولهن:(وفينا نبي يعلم ما في غد) قول لا يجوز، ولا شك أن الكفر الذي فيه خفاء والذي يكون فيه اشتباه لابد فيه من إقامة الحجة، ولكن ليس كل كفر فيه اشتباه؛ لأن من الكفر ما لا يكون فيه اشتباه مثل سب الله عز وجل، فهذا لا يقال: فيه اشتباه، ولا يقال: يحتاج إلى أن تقام على من فعله الحجة، وأما الأمور التي فيها خفاء فتقام على صاحبها الحجة.
ثم أيضاً الرسول صلى الله عليه وسلم حصل له في الجملة اطلاع على أمور مستقبلة، وقد جاءت أحاديث كثيرة عن الرسول فيها ذكر أمور علمها بتعليم الله عز وجل إياه، لكن إطلاق القول بأن كل ما يكون في المستقبل يعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الخطأ والغلط، وإلا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم علم كثيراً من الغيوب في المستقبل، ومن ذلك ما أخبر به الرسول عن أشراط الساعة، وعما يجري في المستقبل من الفتن، وكذلك ما كان قريباً من زمانه عليه الصلاة والسلام من الأمور التي أخبر بها مثل قوله:(إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً)، وكذلك قوله عن الحسن:(ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) فكل هذا إخبار عن أمر مستقبل أطلعه الله تعالى عليه، لكن المنكر هو القول بأنه يعلم الغيب في المستقبل على الإطلاق.