للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث: (وأقعد الصبية بينهما ثم قال ادعواها)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إذا أسلم أحد الأبوين مع من يكون الولد.

حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى حدثنا عبد الحميد بن جعفر أخبرني أبي عن جدي رافع بن سنان رضي الله عنه (أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم، فأتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: ابنتي وهي فطيم أو شبهه، وقال رافع: ابنتي.

فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اقعد ناحية، وقال لها: اقعدي ناحية، قال: وأقعد الصبية بينهما ثم قال: ادعواها، فمالت الصبية إلى أمها، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم اهدها، فمالت الصبية إلى أبيها فأخذها)].

قوله: [باب إذا أسلم أحد الأبوين مع من يكون الولد؟].

أي: إذا أسلم أحد الأبوين ولهما ولد مع من يكون ذلك الولد؟ هل يكون مع أمه أو مع أبيه أو يكون مع من أسلم منهما؟

الجواب

أنه يكون مع من أسلم منهما؛ لأن الإسلام مقدم على غيره، وكونه يلحق بالمسلم حتى يكون مسلماً ويبقى على الإسلام أولى من أن يلحق بكافر فيلحقه بالكفر وينشئه على الكفر، كما جاء في الحديث: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه) فهما ينقلانه عن الفطرة بدعوتهما الباطلة إلى الكفر والعياذ بالله.

فالحكم أنه إذا أسلم أحد الزوجين وبينهما ابن فإنه يكون تابعاً للمسلم منهما، إن كان المسلم هو الأب لحق به، وإن كان المسلم هي الأم لحق بها، ولا يلحق بالكافر.

أورد أبو داود حديث رافع بن سنان رضي الله عنه: أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم، وكانت بينهما صبية في حال الفطام، فجعل كلاً من الأبوين في ناحية، وجعل الصبية بينهما، وطلب منهما أن يدعواها، فمالت إلى أمها، فقال صلى الله عليه وسلم: (اللهم اهدها) فمالت إلى أبيها، فدل هذا على أن من أسلم من الأبوين فهو الذي يلحق به ابنه، سواءً كان الأم أو الأب، ويُقدم الإسلام على غيره ليكون ذلك الصبي مسلماً ولا يكون كافراً.

والنبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا التخيير للصبية من أجل أن ينظر من تلحق به، ولكنه سأل الله عز وجل أن يهديها فهداها، فدل هذا على أن الابن يتبع المسلم ولا يتبع الكافر؛ لأنه لو كان المقصود أنه يكون مع أي منهما لترك الأمر على ما هو عليه؛ لكنه دعا لها بالهداية وهي صبية صغيرة لا تعقل، فوفقها الله عز وجل بأن تلحق بأبيها، فدل هذا على أن جانب الإسلام مرجح على غيره وأن الإلحاق به أولى من الإلحاق بغيره، ليحصل لهذا الطفل الإسلام ولا يحصل له الكفر بتنشئة ذلك الكافر له وتهويده أو تنصيره له إن كان ذلك الكافر يهودياً أو نصرانياً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>