قوله: [(قلت: يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بين الصفا والمروة على بعير وأن ذلك سنة، فقال: صدقوا وكذبوا، قلت: ما صدقو وما كذبوا؟ قال: صدقوا، قد طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة على بعيره، وكذبوا، ليس بسنة؛ كان الناس لا يدفعون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصرفون عنه، فطاف على بعير ليسمعوا كلامه، وليروا مكانه، ولا تناله أيديهم)].
يعني: كونه طاف على بعير صدقوا فيه، وكونه سنة هذا كذبوا فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما فعله للحاجة، وهو أن الناس غشوه وأنهم لا يصرفون عنه ولا يدفعون عنه، فركب حتى يراه الناس وحتى يشرف عليهم عليه الصلاة والسلام، فكون الناس يطوفون راكبين ليس بسنة، لكن عند الحاجة لهم أن يطوفوا راكبين، مثلما أذن عليه الصلاة والسلام لـ أم سلمة رضي الله عنها أن تطوف وهي راكبة من وراء الناس؛ لأنها كانت تشتكي من المرض.
إذاً: لا يقال: إن الركوب سنة وأن الإنسان يفعله رأنه سنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما طاف راكباً ليراه الناس ويسمعوا كلامه عليه الصلاة والسلام، وهذا كما يقال: إن الإنسان له أن يصلي جالساً في النافلة وله نصف الأجر، بخلاف ما لو صلى النافلة قائماً فإن له الأجر كاملاً، لكن لا يقال: إن من السنة أن يصلي النافلة جالساً، فإنه من العموم أنه ليس بسنة.