قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن خبيب عن عبد الله بن محمد بن معن عن بنت الحارث بن النعمان رضي الله عنها أنها قالت: (ما حفظت (ق) إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يخطب بها كل جمعة، قالت: وكان تنور رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنورنا واحداً).
قال أبو داود: قال روح بن عبادة عن شعبة قال: بنت حارثة بن النعمان، وقال ابن إسحاق: أم هشام بنت حارثة بن النعمان].
أورد أبو داود رحمه الله حديث بنت الحارث بن النعمان أو بنت حارثة بن النعمان -وهي صحابية- أنها قالت: [ما حفظت (ق) إلا من في رسول صلى الله عليه وسلم] تعني سورة (ق)[كان يخطب بها كل جمعة] وليس المقصود أنه يقرؤها من أولها إلى آخرها في الخطبة، وإنما يقرأ آيات منها؛ لأن قراءتها كلها في الخطبة فيه تطويل للخطبة، ولكن يحمل على أنه كان يأتي بآيات منها في أولها وفي وسطها وفي آخرها، فلكونه يأتي بها ويكررها حفظتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه السورة مشتملة على أمور عظيمة تتعلق بالبعث والخلق، وتتعلق بأمور عظام مثل عذاب من يستحق العذاب، وكذلك فيها صفة الجنة وأهل الجنة، ومشتملة على عدة أمور وفوائد عظيمة، فمن أجل ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بشيء منها في الخطبة.
وقد كانت خطب رسول صلى الله عليه وسلم ليس فيها تطويل، وإنما يأتي فيها بكلمات جوامع، وبأمور جامعة، كما هو هديه وشأنه صلى الله عليه وسلم أنه أوتي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً، بحيث يأتي بالكلام القليل المبنى الواسع المعنى.
وابن القيم رحمه الله في أول كتابه الفوائد تكلم على هذه السورة وعلى معانيها ومقاصدها وما تشتمل عليه بكلام نفيس جداً، وبين ما اشتملت عليه هذه السورة العظيمة من الموضوعات ومن الأمور المهمة والأمور العظيمة.
قالت:[وكان تنور رسول الله وتنورنا واحداً] فيه إشارة إلى قربها منه صلى الله عليه وسلم، وأن أهل بيتها كانوا جيراناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.