للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شرح حديث أبي مسعود (كنت أضرب غلاماً لي فسمعت من خلفي صوتاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد العلاء حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا ابن المثنى حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: (كنت أضرب غلاماً لي فسمعت من خلفي صوتاً: اعلم أبا مسعود، قال ابن المثنى: مرتين، الله أقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقلت: يا رسول الله! هو حر لوجه الله تعالى، قال: أما إنك لو لم تفعل للفعتك النار، أو لمسَّتك النار)].

أورد أبو داود حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه: أنه كان له غلام وكان يضربه، فسمع صوتاً من ورائه يقول: اعلم أبا مسعود الله أقدر عليك منك عليه.

يعني: أن قدرة الله عليك أعظم من قدرتك عليه، وكما أنك قادر عليه فإن الله تعالى قادر عليك وقادر على كل شيء، وكما أنك فوقه فالله فوقك وهو فوق كل شيء، وهو قاهر لكل شيء وغالب لكل شيء وهو على كل شيء قدير سبحانه وتعالى.

وهذا فيه تذكير بالله عز وجل وأن من كان له قدرة وحصل منه إخلال في الشيء الذي أوجبه الله عز وجل عليه وفي الشيء الذي يلزمه مما هو قادر عليه فإنه يذكر بقدرة الله عز وجل عليه، وأن الله عز وجل يجازيه، وقد يحصل له ذلك في الدنيا أو يؤخر ذلك في الآخرة، إذا لم يتجاوز الله سبحانه وتعالى عنه.

قوله: [(فقلت: يا رسول الله! هو حر لوجه الله تعالى، قال: أما إنك لو لم تفعل للفعتك النار)].

يعني: آذتك وأصابتك وأحاطت بك، كما يقال: تلفع في ثوبه، يعني: أنه أحاط به نفسه وأداره على نفسه، مثل ما جاء في الحديث: (متلفعات بمروطهن ما يعرفهن أحد من الغلس) يعني: النساء اللاتي كن يصلين مع الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر.

قوله: [(أو لمستك النار)] يعني: أصابتك، وهذا يدل على أن العتق فيه تكفير لذلك الذنب الذي قد حصل منه، وهو كونه ضرب مملوكه، لكن هذه الكفارة ليست على سبيل الوجوب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>