للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء) وتراجم رجال إسناده]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً، فوجد متاعه بعينه فهو أحق به، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء)].

أورد أبو داود هذا الحديث وهو مرسل عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن الإنسان إذا ابتاع شيئاً ثم أفلس المشتري, فوجد متاعه بعينه فهو أحق به من الغرماء، وأنه إن مات فإنه يكون أسوة الغرماء؛ لأنه صار ميراثاً، فحالة الحياة غير حالة الموت، فإذا وجده والمشتري حي فإنه أحق به، وأما إذا كان قد مات فإنه يعتبر الذي خلفه ميراثاً ويكون أسوة الغرماء، ومعلوم أن الدين مقدم على الميراث والوصية، فهو لا يكون ميراثاً إلا بعدما يخرج الدين والوصية.

وقوله: (أسوة الغرماء) يعني: أنهم يستحقون الاشتراك فيه بعد موته، ولعل الفرق بين حالة الحياة وحالة الموت: أن حالة الحياة صاحبه لا يزال يمكنه أنه يعمل ويوفي، وأما إذا مات فقد انتهى الأمر.

وقد ذكر الخطابي رحمه الله مسألة: إذا ما دفع بعض الثمن، وذكر قولين في ذلك، قال: ذهب مالك إلى جملة ما في الحديث، وقال: إن كان قبض شيئاً من ثمن السلعة فهو أسوة الغرماء.

والذي يبدو أنه إذا كان قبض الثمن أو شيئاً من الثمن فهو أسوة الغرماء؛ لأن الحق لم يبق كما هو فهو ليس كله حقه بل هو بعض حقه، وهذا من أمثلة القاعدة التي مرت: أن الحكم على بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصص العام، فالأول مطلق: (من وجد متاعه)، وليس فيه تقييد بأنه بيع؛ لأنه قد يكون اشتراه على أنه قرض, أو أقرضه هذه السلعة على أن يرد سلعة مكانها، فبقيت في حوزته فلم يستنفدها فإنه يكون أحق بها، وهنا ذكر البيع، فذكر البيع لا يدل على أن الأمر مقصور على البيع، وإنما هو عام في جميع وجوه إدراك الشيء، والمدرك مستحق له سواء عن بيع أو غير بيع، فالحكم على بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصص في العام، وكونه يحكم على البيع بأنه يكون كذا لا يخصص العام الذي يدخل فيه البيع وغير البيع.

قوله: (أسوة الغرماء) معناه: أنه هو الغرماء سواء، فكل له نصيب من هذه القطعة أو هذا المتاع، ونصيبه يأخذه كما يأخذ الغرماء، وأنه يوزع بينهم على قدر ديونهم، فمن كان نصيبه أكثر من الدين يصير له أكثر من الموجود، ومن كان أقل يكون نصيبه أقل.

قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم].

وقد مرّ ذكرهم، والحديث مرسل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>