للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (إن أعمال العباد تعرض يوم الإثنين ويوم الخميس)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم الإثنين والخميس.

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا يحيى عن عمر بن أبي الحكم بن ثوبان عن مولى قدامة بن مظعون عن مولى أسامة بن زيد (أنه انطلق مع أسامة إلى وادي القرى في طلب مال له، فكان يصوم يوم الإثنين ويوم الخميس فقال له مولاه: لم تصوم يوم الإثنين ويوم الخميس وأنت شيخ كبير؟ فقال: إن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم يوم الإثنين ويوم الخميس، وسئل عن ذلك فقال: إن أعمال العباد تعرض يوم الإثنين ويوم الخميس)].

أورد أبو داود صيام الإثنين والخميس، وهذان اليومان قد جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باستحباب صيامهما، وجاء في ذلك أحاديث منها حديث أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما هذا الذي أورده المصنف أنه كان مولاه قد سافر معه إلى وادي القرى، وهو واد تابع للمدينة في الشمال منها، وهو الذي سار فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذهب إلى تبوك، وهو الذي فيه الحديقة التي خرصها رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة وقال: إذا رجعنا فأخبرينا بالنتيجة، فلما رجعوا وإذا الواقع مطابق لما خرصه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث صحيح وقد سبق أن مر.

وأسامة سافر معه مولاه، وكلمة (مولى) تأتي من الأعلى ومن الأسفل، فيقال للسيد أو المعْتِق: مولى، ويقال للعبد أو المعْتَق: مولى، ولهذا يقولون: من أنواع علوم الحديث معرفة الموالي من أعلى ومن أسفل؛ لأنه قد يكون مولىً لأنه سيد، وقد يكون مولىً لأنه عتيق قد يكون منْعِماً وهو السيد، وقد يكون منْعَماً عليه وهو المعتق، فيقال: مولى من أعلى ومولى من أسفل، فيقال: مولى فلان، يعني: أنه مولى من أسفل، وفلان مولى فلان، يعني: مولاه من أعلى، والولاء يكون أيضاً بغير العتق، فيكون بالحلف، ويكون بالدخول في الإسلام، مثل البخاري رحمة الله عليه كان الجعفي مولاهم؛ لأن أحد أجداده أسلم على يد واحد من الجعفيين، فكان جده ينسب ويقال له: الجعفي مولى، والبخاري كذلك يقال له: الجعفي مولى، وكان الولاء ولاء إسلام على يديه، وكان ولاء عتق، وهو من أعلى ومن أسفل.

سافر معه مولاه إلى وادي القرى وكان في طلب مال له أي مال لـ أسامة بن زيد رضي الله عنه، وكان يصوم الإثنين والخميس، فقال له مولاه: لماذا تصوم وأنت شيخ كبير؟ يصوم تطوعاً في السفر وهو شيخ كبير، فقال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الإثنين ويوم الخميس، ويقول: إن هذه الأعمال تعرض فيهما على الله عز وجل)، وجاء في بعض الأحاديث: (وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) والحاصل أن الإثنين والخميس من الأيام المستحب صيامها كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>