[شرح حديث:(ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في التسمية على الوضوء.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا محمد بن موسى عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي:[التسمية على الوضوء].
يعني: كون الإنسان يسمي الله عز وجل ويذكر الله عند الوضوء، أي: عند البدء به يسمي الله عز وجل.
هذا هو المقصود بالتسمية على الوضوء، وبعض أهل العلم قال بوجوبها، وأنها مثل الجملة التي قبلها التي جاءت في الحديث:(لا صلاة لمن لا وضوء له)، وبعضهم يقول: إنها مستحبة.
وبعضهم يقول: إنها واجبة وإذا نسيها الإنسان فإن وضوءه يصح ولا بأس بذلك، وبعضهم يقول: إن المقصود بالتسمية هي كون الإنسان عندما يريد الوضوء ينوي هذه العبادة، وعند الاغتسال من الجنابة ينوي هذه العبادة، وأنه إذا لم توجد النية فإن العمل لاغياً ولا يعتبر؛ إذ لابد من النية؛ لأن الأعمال بالنيات، وكون العمل لابد فيه من النية هذا أمر لا إشكال فيه، لكن كون الحديث يحمل عليه فيه إشكال.
والمقصود من التسمية: أن الإنسان يذكر الله عز وجل، وإذا نسي التسمية فإن الوضوء يكون صحيحاً، وأما كونه يتعمد ترك التسمية فعلى القول بالوجوب يؤثر ذلك.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه:(لا صلاة لمن لا وضوء له) يعني: أن الإنسان إذا كان غير متوضئ فإنه لا تصح صلاته ولو كان ذلك نسياناً، فكون الإنسان صلى وهو ليس على وضوء يجب عليه أن يتوضأ ويصلي، ولا يقال: إنها تصح الصلاة، وهذا بخلاف النجاسة إذا كانت على الإنسان؛ فإن الإنسان لو صلى وعليه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد فراغ الصلاة فتصح صلاته، أما بالنسبة للوضوء فلا تصح الصلاة إلا بوضوء، ولو صلى الإنسان ناسياً فإن عليه أن يتوضأ ويصلي، وذلك أن الصلاة بالنسبة للنجاسة جاء ما يدل على أنها تصح الصلاة، وذلك في صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بنعليه وفيها شيء من النجاسة والقذر؛ فأخبره جبريل وهو في الصلاة فنزع نعليه وهو يصلي، فلولا أن الصلاة صحيحة لاستأنف الصلاة من جديد، ولكنه صلى الله عليه وسلم واصل الصلاة وقد صلى أولها وفي نعليه النجاسة؛ فدل ذلك على أن النجاسة لا يحصل معها بطلان الصلاة، فإذا صلى الإنسان وعليه نجاسة فصلاته صحيحة.
والذي يبدو أن التسمية تجب ولكنها تسقط بالنسيان، مثلما يقال عند ذبح الذبيحة، فإن الإنسان عليه أن يسمي الله عز وجل، ولكنه إذا نسي كانت الذبيحة معتبرة ولا يقال: إنها لا تؤكل؛ لأنه نسي ذكر اسم الله عليها، فهذا مثل هذا.
وأما إذا كان الوضوء في بيت الخلاء فيسمي الإنسان عند الدخول.