حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا محمد بن حرب عن أبي سلمة سليمان بن سليم عن يحيى بن جابر عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه:(أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضرب على منكبه ثم قال له: أفلحت يا قديم! إن مت ولم تكن أميراً ولا كاتباً ولا عريفاً)].
أورد أبو داود (باب في العرافة) والعرافة: مأخوذة من التعريف، يعني: كون الإنسان يصير مسئولاً عن جماعة يعرف بهم، ويكون واسطة بين الأمير وبينهم، ويعرفون بواسطته، قيل له: عريف؛ لكونه يرجع إليه في معرفة الأشخاص الذين يوكل إليه ما يتعلق بشئونهم، وإذا كانت هناك أمور يبلغها إياهم، وإذا كانت هناك أمور مطلوبة منهم يكون هو المسئول.
وقد جاء في السنة ما يدل على العرافة، ففي الصحيحين أو في أحدهما في قصة حنين وسبي هوازن، أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قسمة الغنائم والسبي جاء وفد هوازن إلى النبي صلى الله عليه وسلم تائبين، وطلبوا منه أن يرد عليهم السبي والمال، فالرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يجيبهم إلى ما طلبوا، فجمع الناس وقال:(إن إخوانكم جاءوا تائبين، وقد طلبوا أن يرد عليهم سبيهم، فمن أعطيناه من السبي وأراد أن يطيب فليفعل، ومن أراد أن يحتفظ بحقه فإنا نعوضه من أول شيء يفيء الله علينا) يعني: أن السبي الذي قسم أراد أن يسترجعه، ومن سامح وتنازل عن حقه سقط حقه، ومن احتفظ بحقه ولم يرد أن يتنازل عن حقه من السبي فإنه يعوضه النبي صلى الله عليه وسلم من أول شيء يحصل، (فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: طيبنا طيبنا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: ما نعرف من طيب ممن لم يطيب، فاذهبوا حتى يأتي إلينا عرفاؤكم، فجاء إليه العرفاء بعد ذلك وقالوا: إنهم طيبوا) يعني: أن كل شخص مسئول عن جماعة جاء وقال: إن جماعته الذي هو مسئول عنهم موافقون على التنازل، فهذا فيه دليل على مشروعية اتخاذ العرفاء الذين يكونون مسئولين عن بعض الجيش أو بعض الناس، وهم مثل الذين يسمون في هذا الزمان: شيوخ القبائل، فكل شيخ قبيلة يكون مسئولاً أمام الوالي عن جماعته والتعريف بهم، ومعرفة من هو من القبيلة ممن ليس من القبيلة.
أورد المصنف حديثاً عن المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه [(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب على منكبه ثم قال له: أفلحت يا قديم! إن مت ولم تكن أميراً، ولا كاتباً، ولا عريفاً)] قديم يعني تصغير مقدام بحذف الزوائد، والحديث لم يثبت، ففيه رجل ضعيف، ولو صح لكان في حق من يكون ظالماً، فيعين غيره على الظلم عندما يكون كاتباً أو عريفاً، أو أميراً.