[شرح حديث أن أم سلمة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة فأمر أبا طيبة أن يحجمها)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في العبد ينظر إلى شعر مولاته.
حدثنا قتيبة بن سعيد وابن موهب قالا: حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر (أن أم سلمة رضي الله عنهما استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة، فأمر أبا طيبة أن يحجمها.
قال: حسبت أنه قال: كان أخاها من الرضاعة أو غلاماً لم يحتلم)].
قوله:[العبد ينظر إلى شعر مولاته] أي: أن العبد هو من جملة المحارم الذين محرميتهم مؤقتة، بمعنى أنه ليس أجنبياً من المرأة، فله أن ينظر إليها، وبعد أن يعتق أو يباع تنتهي تلك العلاقة، وذلك الذي يكون بينهما كما يكون الحال بين الزوج وامرأته إذا طلقها، فإن العلاقة التي بينهما تنقطع وتكون من جملة الأجنبيات بالنسبة له، فيكون الأمر كذلك بالنسبة للعبيد في حال كون النساء تملكهم، فإنهم لهم أن يروا منهن ما يراه المحارم من نسائهم أو من أقاربهم، فإذا خرج من ملكها ببيع أو هبة أو عتق أو ما إلى ذلك فإنه يكون أجنبياً منها، وقد جاء في الحديث الذي سبق في باب الإرث أنه إذا كان العبد مكاتباً وصار عنده ما يوفي به ما بقي عليه فإنها تحتجب منه، أي: أن العلاقة التي كانت تسوِّغ له أن ينظر إليها انتهت بكونه نال الحرية بأدائه آخر قسط من نجوم الكتابة، فصار بذلك حراً فيكون أجنبياً منها.
فأورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه:(أن أم سلمة استأذنت الرسول صلى الله عليه وسلم في الحجامة، فأمر أبا طيبة أن يحجمها.
وقال: حسبته قال: كان أخاها من الرضاعة، أو غلاماً لم يحتلم) ويكون حكمه حكم الذي لم يحتلم فلا تحتجب عنه النساء، والذي جاء في القرآن استئذان الذين ملكت الأيمان، وكذلك الذين لم يبلغوا الحلم، وذلك في الأوقات الثلاثة التي يكون فيها نزع الثياب أو الحالة التي تختلف عن الحالات التي تكون عليها النساء في غيرها، وهي قبل صلاة الفجر، وحين وضع الثياب من الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء الذي وقت للنوم، فقالوا: إنه يحتمل أن يكون هذا وهذا.
والمصنف هنا بوب بالنظر إلى الشعر؛ لأن الحجامة لعلها في الرأس، والذي سيحجم إنما ينظر إلى مكان الحجامة.
قال:(حسبته قال: كان أخاها من الرضاع، أو غلاماً لم يحتلم) فيكون العبد مقيساً عليه؛ لكن جاءت أحاديث أخرى، وجاء القرآن يدل على استثناء ملك اليمين، كما في هذه الآية التي في سورة النور:((وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ)) إلى أن قال: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}[النور:٣١]، وكذلك في سورة الأحزاب:((لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ)) إلى أن قال: {وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}[الأحزاب:٥٥].