قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فتح مكة: لا هجرة، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا)].
قال عليه الصلاة والسلام يوم الفتح:(لا هجرة) -يعني: بعد الفتح- (ولكن جهاد ونية) وكون الإنسان ينتقل من بلده إنما ينتقل للجهاد في سبيل الله، ويكون عنده نية الجهاد في سبيل الله إن طلب منه، وإن لم يطلب منه فإنه يكون على استعداد، وإذا استنفر الجميع ينفرون، حيث يتعين الجهاد ويكون فرض عين عليهم مثلما حصل في غزوة تبوك، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم استنفر الناس، ولم يبق إلا المنافقون وأصحاب الأعذار، وإلا الثلاثة الذين خلفوا وتاب الله عليهم، والذين ذكر الله قصتهم في سورة التوبة وهم كعب بن مالك وصاحباه رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
قوله: [(وإذا استنفرتم فانفروا)] الرسول صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى القتال وأخبرهم بوجهته، وأنه سيذهب لغزو الروم، وكان الصيف شديداً والظهر قليلاً، وكان إذا أراد غزوة ورى بغيرها، وفي هذه الغزوة أعلن عنها واستنفر الناس، ومن تأخر وفقد وهو ليس من أهل الأعذار سئل عنه، ومنهم كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه.