للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث: (كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب هل يحرم ما دون خمس رضعات.

حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهن مما يقرأ من القرآن].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب هل يحرم ما دون خمس رضعات، وقد اختلف العلماء في الرضاع المحرم على ثلاثة أقوال: القول الأول: هو ما بلغ خمس رضعات فأكثر، والدليل على ذلك هذا الحديث الذي أورده أبو داود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن فنسخن بخمس معلومات يحرمن فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن].

واحتجوا أيضاً بالحديث الذي سبق أن مر في رضاع الكبير حيث قال فيه: (أرضعيه خمس رضعات)، وهو حديث صحيح، ولكنه -كما عرف- خاص بـ سالم مولى أبي حذيفة، وقد جاء فيه ذكر الخمس، فهو دليل على أن المعتبر في الرضاع هو ما بلغ الخمس رضعات.

القول الثاني: أن المحرم هي ثلاث رضعات فأكثر، ويستدل على ذلك بالحديث الذي سيأتي، وهو قوله: (لا تحرم المصة ولا المصتان)، قالوا: فمفهومه يدل على أنه إذا زاد على ذلك فإنه يحرم.

القول الثالث: أن الرضاع قليله وكثيره يحرم؛ لأنه جاء مطلقاً في بعض النصوص، كقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء:٢٣]، فجاء مطلقاً، قالوا: فيحرم القليل والكثير.

والقول الصحيح والراجح من هذه الأقوال هو القول بأن المحرم هي خمس رضعات؛ لأنه قد جاء ما يدل عليه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث الذي أورده أبو داود، والحديث الذي سبق أن تقدم في رضاع الكبير.

وأورد أبو داود هنا حديث عائشة [كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن، فنسخن بخمس معلومات يحرمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن].

قوله: (وهن) أي: الخمس؛ لأن الإشارة إلى الخمس، وليس في القرآن خمس رضعات يحرمن، لكن هذا فيه إشارة إلى قرب التحريم من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن بعض الناس الذين لم يبلغهم النسخ استمروا على القراءة حتى بلغهم النسخ، وذلك لقربه من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالنسخ جاء متأخراً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>