للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث خطبة الحاجة]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في خطبة النكاح.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في خطبة الحاجة في النكاح وغيره.

ح: وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري المعنى ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي عبيدة عن عبد الله رضي الله عنه قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطبة الحاجة: (إن الحمد لله نستعينه، ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧١]).

لم يقل محمد بن سليمان: إن].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في خطبة النكاح] أي: بين يديه وبين يدي عقده والمقصود بها هذا الذي جاء في الحديث من حمد الله عز وجل والاستعانة به واستغفاره والثناء عليه والتعوذ من شرور النفس، وأن من هدى الله فهو المهتدي، ومن يضلل فإنه لا هادي له.

وهذه الخطبة هي من الأمور المستحبة، فلو حصل النكاح بدونها فإنه يصح، ولكن الأولى أن يؤتى بها؛ لأن فيها ذكراً لله عز وجل وثناءً عليه، وتقديم العقد بحمد الله وبالثناء عليه لاشك في أنه من الأمور المهمة والأمور المفيدة، ولكنه ليس بفرض ولا واجب، ولكنه من الأمور المستحبة، ولو وجد العقد بدونه فإنه يصح، ولا يكون الإنسان بتركه قد ترك أمراً واجباً.

وقد وردت هذه الخطبة في الأحاديث بألفاظ مختلفة، منها ما هو أقل ومنها ما فيه زيادة.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه في خطبة الحاجة في النكاح وغيره بألفاظ قد جاء في بعض الروايات زيادات عليها، يعني مثل زيادة (نحمده) وكذلك زيادة (ومن سيئات أعمالنا) وهي ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن هذه الرواية التي جاءت عند أبي داود ليس فيها ذلك الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كاملاً، وينبغي أن يؤتى به كاملاً، كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) ثم يؤتى بالآيات: آية في أول سورة النساء، وآية في وسط سورة آل عمران، وآية في آخر سورة الأحزاب.

ثم إن ما جاء في بعض الروايات من خطبة الحاجة في النكاح وغيره لا يعني أن كل خطبة من الخطب يستحب أن تبدأ بهذا اللفظ وحده وأن لا تبدأ بألفاظ أخرى، ولكن هذا يحمل على الغالب، وإلا فإنه قد جاء في بعض الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم البدء بغير ذلك، كما سبق أن مر بنا في كتاب الاستسقاء، فقد ورد فيه ذكر البدء (بالحمد لله رب العالمين)، وليس فيه ذكر هذا الذي جاء في هذا الحديث.

وعلى هذا فيكون الإكثار منه بناءً على الغالب، فهو الذي ينبغي قوله غالباً، ولكن لا يقال: إنه لا يؤتى بشيء سواه، وإنه اللفظ الذي يؤتى به فحسب.

وفي الحديث جاءت الأفعال المضارعة بنون الجمع في أولها إلا قوله: [(وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)] وذلك لأن الشهادة لا تصح إلا من قائلها ذاته، فلا يصح قولها عن الغير، أما العون المغفرة والعياذ بالله فيصح طلبها للنفس وللغير فلذلك أتى فيها بنون الجمع في أول المضارع.

<<  <  ج:
ص:  >  >>