[شرح حديث عائشة:(لقد رأيتني وأنا أفركه من ثوب رسول الله)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: المني يصيب الثوب.
حدثنا حفص بن عمر عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن همام بن الحارث (أنه كان عند عائشة رضي الله عنها فاحتلم، فأبصرته جارية لـ عائشة وهو يغسل أثر الجنابة من ثوبه -أو يغسل ثوبه-، فأخبرت عائشة رضي الله عنها فقالت: لقد رأيتني وأنا أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قال أبو داود: ورواه الأعمش كما رواه الحكم].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي:[باب: المني يصيب الثوب]، يعني: ما حكم ذلك؟ هل يحتاج إلى تطهير أو لا يحتاج إلى تطهير؟ والواقع أن المني طاهر وليس بنجس، والدليل على طهارته أن عائشة رضي الله عنها كانت تفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصلي فيه، ولو كان غير طاهر لما كفى الفرك؛ لأن الفرك يمكن أن يزيل ما له جسم وجرم، ولو كان غير طاهر مثل دم الحيض يكون على ثوب الحائض فإنها تفركه وتحكه ثم بعد ذلك لابد من غسله؛ لأن الحك والفرك من أجل التخفيف بالنسبة لدم الحائض الذي يكون على الثوب، وأما المني فإنه يفرك فقط ولا يغسل، ففركه وعدم غسله دليل على طهارته؛ لأن النجاسة لا يطهرها الفرك، وإنما الفرك يخفف إذا كان هناك جرم أو شيء شاخص بارز، فإنه يتساقط بالفرك وبالحك، ولكن لابد من الغسل، فلما كانت تكتفي بالفرك دل ذلك على طهارته وأن الغسل ليس بواجب.
وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها أن همام بن الحارث النخعي الكوفي كان عند عائشة، وأنه احتلم، ورأته جارية لـ عائشة يغسل ثوبه أو يغسل منياً من ثوبه، فأخبرت عائشة بذلك، فحدثت عائشة رضي الله عنها بهذا الحديث، وهو أنها كانت تفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي أن غسله ليس بلازم، ولكنه يغسل إذا كان رطباً حتى يزول الأثر الذي لا يستحسن النظر إليه، أما إن كان يابساً فإنه يفرك ويكفي ذلك، وإذا كان له أثر أو تبين أنه شيء يستقذر فإنه يغسل، لا لنجاسته، ولكن لذهاب الشيء الذي يستقذر، مثل البصاق الذي يكون على الثوب، فالمنظر إليه غير مستساغ، ولكنه ليس بنجس، فهو يزال من أجل إذهاب الشيء الذي يستقذر حال إليه.