[شرح حديث قصة أسر ثمامة بن أثال وإسلامه رضي الله تعالى عنه]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عيسى بن حماد المصري وقتيبة، قال قتيبة: حدثنا الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: (بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ قال: عندي -يا محمد- خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت.
فتركه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا كان الغد، ثم قال له: ما عندك يا ثمامة؟ فأعاد مثل هذا الكلام، فتركه حتى كان بعد الغد فذكر مثل هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أطلقوا ثمامة.
فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل فيه، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسول) وساق الحديث.
قال عيسى أخبرنا الليث وقال: ذا ذم].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل بعثاً قبل نجد فجاءوا بـ ثمامة بن أثال وهو سيد أهل اليمامة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بربطه في سارية من سواري المسجد، ثم جاء إليه وقال: [(ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي -يا محمد- خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت)].
قوله: [(عندي خير)] فسر هذا الخير الذي عنده بقوله: [(إن تقتل تقتل ذا دم)] يعني: يستحق القتل، وفي رواية أخرى: [ذا ذم] أي: ذا ذمة أو ذمام.
[(وإن تنعم تنعم على شاكر)] يعني: شاكر لك عفوك وإحسانك.
فتركه ثم أعاد عليه مرة ثانية ثم الثالثة وهو يجيب جواباً واحداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [(أطلقوا ثمامة)]، فلما أطلقوه ذهب إلى نخل فيه ماء واغتسل وجاء وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأسلم.
والمقصود من إيراد الحديث أنه ربط وأوثق، وفي الحديث دليل على اغتسال الكافر عند إسلامه، وذلك لأن الكفار لا يتطهرون، ويباشرون النجاسات، ولا يلتزمون بالأحكام الشرعية مثل الاغتسال من الجنابة وما إلى ذلك، فذهب واغتسل ثم جاء وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
ثم إنه ذهب واعتمر، ولما رأه أهل مكة من الكفار قالوا: صبأت.
فأخبرهم أنه أسلم وأنه هداه الله، وأن الميرة التي تأتيهم من نجد سيمنع مجيئها إليهم إلا إذا أذن محمد صلى الله عليه وسلم.
فالحاصل أن هذا الرجل أسلم رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ومحل الشاهد من ذلك كونه ربط في سارية من سواري المسجد.
والحديث فيه جواز دخول الكافر المسجد، ولكن ذلك ليس على إطلاقه، وإنما للحاجة.
والكافر ليست ذاته نجسة، بمعنى أن من يلمسه عليه أن يغسل يده، وإنما نجاسة الكفار نجاسة حكمية، وهي نجاسة الكفر، وأما أبدانهم فمن لمسها أو صافح إنساناً منهم فلا يغسل يديه من أجل المصافحة أو لأنه لمس شيئاً نجساً؛ لأن النجاسة حكمية.