[نقل أبي علي اللؤلؤي عن أبي عبيد وجه الذم للمشتغل بالشعر ومعنى البيان وسحره]
[قال أبو علي: بلغني عن أبي عبيد أنه قال: وجهه أن يمتلئ قلبه حتى يشغله عن القرآن وذكر الله، فإذا كان القرآن والعلم الغالب فليس جوف هذا عندنا ممتلئاً من الشعر.
وإن من البيان لسحراً: قال: كأن المعنى أن يبلغ من بيانه أن يمدح الإنسان فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قول، ثم يذمه فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله الآخر، فكأنه سحر السامعين بذلك].
هذا الكلام فيما يتعلق بالشعر مطابق لما بوب به البخاري من أن المقصود هو الإكثار من الشعر بحيث يغلب ويطغى على غيره مما هو أهم منه، وأما إذا كان الغالب هو القرآن والحديث وما فيه ذكر الله عز وجل، وكان عنده شيء من الشعر وهو مغمور وليس هو الأكثر، فإنه ليس هو المذموم الذي قال فيه: [(لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير من أن يمتلئ شعراً)] فهذا لا بأس به إذا كان عنده شيء من الشعر، ولكنه ليس هو الغالب، بل الغالب عليه ما هو أهم منه وهو القرآن والحديث وما فيه اشتغال بالعلم النافع.
ثم ذكر ما يتعلق بالسحر وقال:(إن من البيان لسحراً) وهو أن الإنسان بفصاحته وبلاغته يمكن أن يمدح إنساناً فيأتي به، ويذم إنساناً فيأتي به، ولكن المحمود منه فيما إذا كان بخير، والمذموم منه فيما إذا كان بشر.