[شرح حديث أبي رمثة (أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: لا يؤخذ أحد بجريرة أخيه أو أبيه.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا عبيد الله -يعني ابن إياد - حدثنا إياد عن أبي رمثة قال: (انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأبي: ابنك هذا؟ قال: إي ورب الكعبة، قال: حقاً؟ قال: أشهد به، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضاحكاً من ثبت شبهي في أبي ومن حلف أبي علي، ثم قال: أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:١٦٤])].
يقول المصنف رحمه الله: [باب لا يؤخذ بجريرة أخيه أو أبيه].
أي: أنه لا يؤخذ أحد بذنب الآخر، ولا يعاقب أحد من أجل أن غيره جنى، بل العقوبة على الجاني والعاصي، وأما الذي لم يحصل منه جناية ولا معصية؛ فإنه لا يعاقب ولا يؤخذ البريء بجريرة المذنب العاصي الجاني، وقد كان في الجاهلية يؤخذ الشخص بجريرة غيره.
وقد أورد أبو داود حديث أبي رمثة رضي الله تعالى عنه: أنه جاء مع أبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قوي الشبه بأبيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لوالد أبي رمثة: [(ابنك هذا؟ قال: إي ورب الكعبة، قال: حقاً؟ قال: أشهد به)].
قوله: [(قال: حقاً)] أي: أنه ولدك؟ قوله: [(قال: أشهد به)] أي: أشهد على ذلك، أو اشهد بذلك أنت يا رسول الله! والرسول صلى الله عليه وسلم رأى قوة الشبه بينه وبينه.
قوله: [(أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه)].
أي: لا يؤخذ بجنايتك ولا تؤخذ بجنايته.
وليس معنى ذلك عدم حصول الجناية من الولد للوالد أو من الوالد للولد، فقد يجني الوالد على الولد وقد يجني الولد على الوالد؛ ولكن المقصود المؤاخذة، وأن الواحد لا يؤاخذ بذنب الثاني، وإنما كل يؤاخذ بذنبه.
فالمذنب هو الذي يؤاخذ بما ارتكبه من جناية أو معصية، ولا يؤاخذ به ولده ولا والده، وهكذا لا يؤاخذ أحد بذنب غيره.
قوله: [(وقرأ: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:١٦٤])] أي: لا يعاقب شخص بجناية غيره أو بوزر غيره؛ وإنما المذنب والجاني هو الذي يعاقب، والبريء لا عقوبة عليه.