للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم.

حدثنا علي بن بحر بن بري حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا محمد بن عجلان عن نافع عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم)].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم.

يعني: يجعلون واحداً منهم أميراً عليهم، وهذه الإمارة المقصود منها الرجوع إليه عندما يريد الإنسان أن يذهب إلى جهة، أو يريد أن يتخلف، أو يريد أن يستأذن في شيء حتى يكون بعضهم على علم من بعض، فلا يذهب الواحد منهم حيث يشاء ولا يعرف عنه أصحابه شيئاً، وإنما يكون هناك مرجع لهم يرجعون إليه، بحيث يستشيرونه ويرجعون إليه في النزول إذا أرادوا أن ينزلوا، وإذا أرادوا أن يركبوا ويرتحلوا، وإذا كان الواحد منهم يريد أن يذهب في حاجة من الحاجات أو لغرض من الأغراض يستأذنه حتى يكون على علم، وحتى يعرف بعضهم عن البعض أموره وأحواله، فلا يكون كل واحد منهم أمير نفسه، أو يكونون رفقاء فلا يدري الاثنان إلا وقد ذهب الثالث، ولا يدرون إلى أين ذهب؟! فإذا كان هناك أمير يرجعون إليه يقول للأمير: أريد أن أفعل كذا وكذا أستأذنك في كذا وكذا فهذه هي الإمارة، وهذه هي مهمتها، فليست المهمة أن يجلد ويضرب، وأنه يسير والياً وحاكماً، وإنما مهمته أن يكون هؤلاء المسافرون يتشاورون ويرجع يعضهم إلى بعض، ويستأذن المأمور الأمير في ذهابه إذا أراد أن يذهب لحاجة، وكذلك إذا أراد أن يتقدم ويسبقهم بيوم أو يومين إلى أهله وما إلى ذلك.

فهذا هو المقصود بالإمارة، فالإمارة المقصود منها أن يعرفوا مرجعهم، لا أن هذه ولاية يترتب عليها أحكام كإقامة حدود وجلد وما إلى ذلك، فليس هذا من شأنهم، وليست هذه مهمتهم، وإنما مهمتهم ما يتعلق بأحوال السفر والارتحال والنزول.

وهذا أيضاً فيه تحديد بالثلاثة، وهذا مثل ما مر في الحديث السابق أن الثلاثة ركب، فهم الذين يؤمرون واحداً منهم، وأما الاثنان فهما شيطانان كما مر في الحديث، فليس ذلك هو المأذون به والمرخص فيه أن يسافر اثنان، بل يسافرون ثلاثة، والأمر في الحديث يدل على الاستحباب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>