[شرح حديث جابر في النهي عن الإشارة عند السلام من طريق تميم الطائي]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم الطائي عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس رافعو أيديهم -قال زهير: أراه قال في الصلاة- فقال: ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس! اسكنوا في الصلاة)].
أورد المصنف حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليهم وهم في الصلاة رافعي أيديهم، يعني يومئون بها عند السلام كعادتهم -كما جاء في الروايات السابقة- فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [(ما لكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس! اسكنوا في الصلاة)] أي: لا تفعلوا هذه الهيئة.
المقصود بهذه الرواية وما جاء في الروايات السابقة إنما هو الإشارة في السلام عن اليمين والشمال، وبعض العلماء من أصحاب أبي حنيفة استدل بهذا الحديث على أنه لا ترفع الأيدي عند الركوع والرفع منه، وحملوا الحديث على هذا، ولكن هذا لا يصح لأنه لو كان المعنى كذلك لمنع منه في تكبيرة الإحرام، وهم يقولون بالرفع فيها، والأحاديث يفسر بعضها بعضاً ويدل بعضها على بعض، والمقصود إنما هو الرفع الذي جاء مبيناً في الروايات السابقة.
والتشبيه الذي جاء في الأحاديث السابقة هو نفس التشبيه الذي جاء في هذا الحديث، أي: أنه أنكر عليهم هذه الهيئة التي يفعلونها عند السلام، وليس المقصود من ذلك النهي من الرفع عند الركوع وعند الرفع منه، والحديث قد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر في الركوع والرفع منه، وثبت من حديث أبي حميد الساعدي عند القيام من التشهد الأول في صحيح البخاري.