[شرح حديث (أما بلغكم أني قد لعنت من وسم البهيمة في وجهها)]
قال المصنف رحمه الله تعالى [باب النهي عن الوسم في الوجه والضرب في الوجه.
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بحمار قد وسم في وجهه فقال: أما بلغكم أني قد لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربها في وجهها؟ فنهى عن ذلك)].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب النهي عن الوسم في الوجه والضرب في الوجه.
يعني: أنه لا يجوز أن يوسم في الوجه، ولا أن يضرب الحيوان على الوجه، والإنسان من باب أولى، وقد جاء فيه النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الوجه فيه معظم الحواس والتي هي السمع والبصر والفم والأسنان واللسان وما إلى ذلك، فيكون فيه إيذاء، بخلاف الجهات الأخرى أو الأماكن الأخرى التي ليست كذلك، فيترتب على ذلك تشويه الخلقة أو فقد حاسة من الحواس، وما إلى ذلك من الأمور المحظورة التي عنيت وقصدت في النهي عن الوسم والضرب في الوجه.
قوله: [(أما بلغكم أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربها في وجهها)].
لا يجوز الضرب ولا الوسم في الوجه.
قوله: [(فنهى عن ذلك)] يعني: أنه قد سبق أن لعن فاعل ذلك، قال:(أما بلغكم) يعني: أنه قد تقدم مني بذلك لعن، ثم إنه قال:(فنهى عن ذلك) يعني: زيادة أو تأكيداً لما سبق أن حصل منه صلى الله عليه وسلم، فيكون هذا تأكيداً بعد تأكيد، وتنبيهاً على شيء قد حصل، وأن السنة إذا وجدت فعلى الناس أن يأخذوا بها، وأن من لم يعمل بها فإنه قد يكون مخالفاً لما جاءت به السنة، ويمكن أن يحمل على أنه لم يبلغه ذلك فيكون معذوراً، ولهذا قال:(أما بلغكم أني قد لعنت) فإذا كان الإنسان لم يبلغه ذلك فإنه يكون معذوراً، وإذا بلغه النهي فلا يجوز له أن يقدم عليه، بل عليه أن يحذر الوقوع في معصية الرسول صلى الله عليه وسلم.